============================================================
الحضرمي والى الفقيه محمد الهرمل الآتي ذكرهما إن شاء الله تعالى يطلبهم، وكان غرضه أن يولي أحدهم قاضي القضاة، فلما وصل اليهم الطلب، أتى الفقيه اسماعيل وابن الهرمل ومرا على الفقيه احمد ليعزم معهما إلى السلطان، فقال لهما: قد عزمتما على الذهاب إليه؟قالا: نعم، فقال: كان رأبي ان لا تفعلا، وإذا فعلتما فلا تذكراني، واذا ذكرني فقولا له: هو في عش في البادية، ان تركته وإلا ذهب إلى أرض الحبشة. وكانت له كرامات كثيرة تظهر عليه من غير قصد، وكان أشد الناس كتمانا لذلك.
يحكى انه حضر عنده جماعة يتذاكرون كرامات الصالحين، فقالوا له: يا سيدي لم لا تظهر انت شيئا من ذلك؟ وضربوا مثلا بأهل عواجة والفقيه اسماعيل الحضرمي وغيرهم، فقال: لكل ولي كرامات وما يظهر من كرامات أحدهم فهر نقص من إنائه، وأحب أن ألقى الله تعالى بإناء ملآن؛ ومما ظهر من كراماته انه كان يحج بالناس في كل سنة، ولا يقدر أحد أن يتعرض لهم من العرب وغيرهم بسوء، ومن فعل شيئا من ذلك عوقب سريعا. واتفق في بعض السنين آنه خرج بالقافلة- كجاري عادته - من مكة المشرفة لزيارة النبي ، فلما صاروا قريبا من المدينة، خرج عليهم جماعة من العرب وأرادوا نهبهم، وبقي أهل القافلة خاثفين والفقيه واقف ساكتا، وكان في القافلة الشيخ علي بن يغنم الآتي ذكره ان شاء الله تعالى، فقال للفقيه: يا سيدي، كم هذا التوقف والاحتمال؟ فقال له الفقيه: يا شيخ علي تأدب، هذا الرب سبحانه وتعالى، وأشار بيده إلى السماء، وهذا النبي ، وأشار الى المدينة، فسكت الشيخ علي، ثم أمر الفقيه أهل القافلة بالنزول، فنزلوا يومهم ذلك وليلتهم، ونزل العرب قريبا متهم ينتظرون غغلتهم، فلما كان اليوم الثاني أصبح العرب مستبشرين بنهب القافلة، فلما طلعت الشمس إذا بعسكر قد جاؤوا من المدينة، فلما وصلوا نهبوا العرب المذكورين وقتلوا منهم جماعة وأسروا جماعة، فسأل الناس العسكر عن ذلك، فقالوا: لما كان هاجرة أمس، سمع بالمدينة مناد ينادي ان العرب قد اعترضوا لتافلة ابن عجيل فالغارة الغارة مأجورين، فأمر الشريف بنا فخرجنا فنظر الناس فاذا هو الوقت الذي قال فيه
Página 59