============================================================
اللعب كما يعتاده الصبيان، وأنه ظهر عليه أثر الصلاح وهو صبي، ومن غريب ما يحكى عنه، أنه كان في أيام بدايته يخرج من البيت قبل الفجر وما يدخله إلا بعد العشاء، من كثرة الاشتغال والعلم والعبادة والصيام وغير ذلك، حتى انه دخل في بعض الأيام البيت بالنهار فلم يعرفه بعض أهل البيت لأنهم لا يرونه إلا ليلا.
يحكى عن بعض الصالحين انه قال: مثل أحمد بن موسى في الأولياء كمثل يحى بن زكريا في الانبياء، قال الامام اليافعي كمأنه أشار الى ما ورد في بعض الأحاديث: ما منا معشر الأنبياء إلا من عصى، أو هم بالمعصية، إلا يحبى بن زكريا، وكان عارفا بالفقه والأصول والحديث والنحو والفرائض وغير ذلك: جكى انه جاءه رجل من أهل الجبل ومعه عدة مسائل قد جمعها في الفقه والأصول، فوجده وعنده جماعة من الدرسة وغيرهم، فسأله عن تلك المسائل، فأجابه الفقيه عن المسائل التي في الفقه وسكت عن المسائل التي في الأصول، فظن الرجل ان ذلك قصور من الفقيه، فلما انقضى المجلس دخل الفقيه منزله وأمر بادخال الرجل وقال له: ان العقول لا تحتمل جواز هذه المسائل، وربما يحصل بحث وكلام يشوش على السامعين، ثم أجابه عن ذلك جوابا شافيا، وكان له بحث حسن ونظر تام في كثير من العلوم، وله اعتراضات على المهذب والتنبيه والكافي الذي في الفرائض، تدل على تضلعه في العلوم، وله كتاب جمع فيه مشايخه وأسانيده في كل فن نفع الله به، ولم يكن بيني وبينه في السند سوى ثلاثة، وهم: الفقيه سليمان العلوى ووالده الفقيه ابراهيم، والفقيه أحمد بن أبي الخير رححهم الله امين.
وأما زهده وصلاحه فمستفيض لا يحتاج إلى دليل ، وكان الملوك يعظمونه ويقصدونه للزيارة والتبرك ويقبلون شفاعته، وكان لا يأتيهم ولا يواصلهم، بل يكتب إليهم بالشفاعة فلا يتأخرون عن ذلك، وكاتوا يعرضون عليه مسامحة أرضه فيكره ويقول: أكون من جملة الناس أحب الي.
يحكى أن الملك المظفر أرسل الى الفقيه أحمد المذكور والى الفقيه اسماعيل
Página 58