Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Géneros
ذلك أن الطريق أصبح مفتوحا بالفعل أمام سيف بن ذي يزن لاقتحام عرش يهوذا، والانتقام من أرعد وريث ذلك العرش المعادي للعرب على الدوام.
ذلك أن وفدا من أهل مصر تصدرته أميرة مصرية باهرة الجمال تدعى «منية النفوس» زار التبع سيف بن ذي يزن، وهم يشتكون له من معاملة ملك الحبشة لهم وعدم الإنصات لمطلبهم في حصة ماء النيل الذي منعه عنهم سيف أرعد، تنكيلا وانتقاما منه لعدم مناصرته في حربه ضد التباعنة.
وكانوا قد لجئوا إلى سيف اليزن، لإنصافهم ومساندتهم، خاصة وقد عمت شهرته الآفاق حول معرفته الواسعة وتحكمه في مياه النيل ومجراه بدءا بمنابعه وحتى مصبه.
فما كان من سيف اليزن، إلا أن قطع على نفسه أمامهم عهدا بالقضاء على أصل الداء وتخليص الجميع من سيف أرعد وشروره، وإعادة المياه لهم ولجيرانهم السودانيين الذين كانوا قد جاءوه أيضا بخصوص هذا الشأن المحزن المؤلم الذي يستهدف نشر المجاعة والعطش. - حياة الناس.
وهكذا أعد سيف اليزن عدته وجيشه الموحد، وسار يطلب بلاد الحبشة إلى أن دخل إثيوبيا، وأسر سيف أرعد وعزله منصبا بدلا منه ابنه «مقلقل» الأصغر على عرش يهوذا.
وما إن استقر حكم التباعنة في الحبشة حتى عاد الملك سيف إلى أحمرا التي خرجت وفودها لاستقباله وقد زينت المدينة كمثل عروس تلهج بالثناء والدعاء له.
وشارك وفد مصر باحتفالات انتصار التبع سيف بن ذي يزن على سيف أرعد وأسره، كما شاركت «منية النفوس» الملك سيف حفلات نصره منبهرة إلى أقصى حد.
وكانت قد راقت في عينيه، فآثر الزواج - السياسي - منها، ليخلف منها ولده الذي سماه تيمنا «مصر». - فكانت أولى واجبات سيف بن ذي يزن، إعادة تدفق ماء النيل شريان أفريقيا آمنا حتى مصبه الأخير بمصر العدية، مما أوصل شعبيته وحب الناس له والتفافهم حوله وتحت راياته إلى أقصى مداه.
وهكذا دخل الملك سيف مصر زائرا بصحبة زوجته الأميرة المصرية «منية النفوس» وابنهما «مصر» فاستقبل استقبال الفاتحين، مما حدا به إلى الاستقرار بين ربوعها وبين أهاليها طويلا؛ فزار إخميم وأسوان - وسدها الكبير - كما زار إسنا وأسيوط ومنفلوط وملوي، وأقام طويلا بمدن مصر الوسطى، فزار أهناسيا المدينة، وحلوان والجيزة وقلعة الجبل والروضة وبولاق، وحتى القرى الصغيرة والحواري - مثل حارة الوطاويط - التي لم تخل من ذاكرته.
وزار بلاد الشام التي رحبت به بدورها فاتحة له ذراعيها فنصب ابنه «دمر» من زوجته الأولى - شامة - على حكم الشام وفلسطين، واتخذ دمر عاصمة حكمه بسورية العليا، في مدينة بانياس المتاخمة للاذقية.
Página desconocida