Sirat Muluk Tabacina

Shawqi Abd el-Hakim d. 1423 AH
172

Sirat Muluk Tabacina

سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا

Géneros

وكان سيف بن ذي يزن، كأبيه محبا للعزلة، والانكباب على القراءة والعلم والكتابة، خاصة في مواضيع «الماء والتربة» وما يتبعهما من مشاريع عمرانية وزراعية من سدود ومصارف وخزانات هدفها الاخضرار والنمو.

كما كان الملك سيف كثير الأسفار والتنقلات التي يجريها في سرية؛ حيث كان يتنكر بأزياء الناس العاديين من فلاحين ونوتية وطلبة وعلماء وشعراء جوالين، وساسة الخيول العربية، وأطباء القرى وشيوخ القبائل والطهاة والمغربلين والمشعوذين؛ ليتعرف أحوال الناس.

وكان يتقن تقمص شخصيات هذه المهن عن دراية، بما يحقق له الوقوف على نبض الناس وقضاياهم ومشاكلهم، والإسهام فيما بعد في حلها عبر حكمه المتناهي على امتداد ربوع الجزيرة العربية والشام ومصر والسودان وعاصمة التباعنة أحمرا، والعديد من البلاد الأفريقية ، إن لم تكن أفريقيا بكاملها، عقب وضع يده على الحبشة، وما كان يتبعها من الأقوام والكيانات والقبائل.

إلا أن كل هذه المهام وغيرها كانت تدفع به على الدوام إلى تحسس الأخطار وأعمال العدوان المبيتة ضده، كتبع أو رمز عربي، يستهدف أول ما يستهدف. - العدل وخير الناس.

وكانت الأخطار تجيء هذه المرة من الأناضول وآسيا الصغرى ومسبوتاميا أو ما بين الرافدين، ومن بلاد الفرس.

لذا ادعى الملك سيف عقب استتبابه في حكم مصر والشام للمحيطين به أنه يعد العدة للعودة إلى اليمن وفلسطين: للبحث عن كنوز «الملك سليمان» وجدتنا «بلقيس ملكة سبأ».

حتى إذا ما انقطعت أخباره، في آسيا والهند وبلاد الفرس التي دخلها سرا لاستطلاع النوايا المبيتة ضد مصر والعرب، واصل غوصه في متاهات الحياة الشعبية لبسطاء الناس.

ومن فوره لم يتوان عن الإرسال برسله إلى ولديه «دمر» بالشام و«مصر» بديار مصر - الذي ولي حكم مصر في غيبته - آمرا إياهما بتجهيز حملة كبيرة طابعها الأعم «أن تكون بحرية»، وحين عاد إلى مصر التي كان قد اتخذ منها عاصمة لملكه المترامي، اصطحب جيشه ليحارب في الهند وبلاد الفرس. - إلى أن تمكن من قتل «الكسرى» الملقب «بصارخ البهلوان» مجهضا عدوانه المبيت ضد مصر والعرب من جانب الفرس وأكاسرتهم.

خاصة وقد سبق للفرس دخولها - أي مصر - عن طريق واحة سيوة بالخداع والمناورة وبقوا بها ردحا طويلا من الزمن.

وعاد سيف بن ذي يزن إلى مصر مظفرا فاستقبل استقبال الفاتحين من جانب فئات المصريين الذين قدموا من كل صوب للمشاركة في احتفالات النصر على العدوان المبيت ضدهم من جانب الفرس.

Página desconocida