أما رياضته في المطعم، فاعتمد على الصيام الأبد إلا في العيدين وأيام التشريق، فإذا كان بعد العشاء الآخرة تناول الطعام، فإذا تناول الطعام ثقل عن القيام وعجز عن التلاوة، شاهدته يوما يقع من قامته من غلبة النوم، فجاهدها بقلة الإدام مدة لا يأكل إلا قطع(1) الخبز يابسا، فما تهيأ له القيام على ما يريد، فجاهدها حتى انقادت له بأنها لا تناول الطعام إلا في السحر، فاعتدلت(2) على ذلك، وديدن عليه واستقام، وانشرح حتى الموت، سمعته يوما(3)يقول: كم من ليلة أسابق الفجر على عشاي فتارة أسبقه وتارة يسبقني، كم من يوم يدخل عليه بعض إخوانه وعشاه موضوع معد لمن يدخل عليه من أهل الحاجة من إخوانه، وكان رحمه الله تعالى: إذا كان عشاه بشيء من الإدام تركه وآثر به بعض [إخوانه](4) ممن يفد عليه مرارا كثيرة.
قال لي يوما: إذا دخل عليك فقير فاعطه شيئا يأكله، وإذا دخل [عليك](5) عالم فراجعه في المسائل، وإذا دخل عليك من أبناء الدنيا فاحتشمه وعظه، واضرب له الامثال من غير تصريح، وكان هذا طبعه فيمن يدخل عليه.
Página 87