ومن لسمائه سمكا أخي، ألهمك الله وإيانا رضوانه هذه مجة من لجة، وقطرة من مطرة، من حلية من اجتمعت قلوبنا من سببه(1) في حياته وبعد وفاته، وميل أخيك إلى الإختصار خشية الملل وكلول قلب الكسلان، ولمع البارق يدلك على الغيث الدافق -إن شاء الله- وقد أفيض على أخيك بجمع هذا المختصر المبارك من بركته وبركة من ذكر بسببه، ومن يذكر -إن شاء الله تعالى- بركتان: أحدهما: استودعها الله تبارك وتعالى من سلب ما هدى، وحبا وحفظ ما خول وأعطى، والبركة الثانية: سرى علي(2) حزنه العظيم، والكمد عليه رحمه الله الجسيم، وعلمت يقينا أن الآخرة خير له من الأولى، كما قال تعالى لنبيه وحبيبه (محمد) (3) صلى الله عليه وآله وسلم: {وللآخرة خير لك من الأولى} [الضحى:4] وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه))(4) ، ولقوله تعالى:{وما عند الله خير للأبرار}، [آل عمران:198] وننشر أوراده الزكية، وأعماله الصالحة الباقية المرضية، ولقد جاء ذكره لذكر الصالحين والعلماء الراشدين كحجر المغناطيس تجذب الحديد، والله أسأله التوفيق والمزيد، ولا لوم لنا إن بلغنا عليه من الحزن غاياته، ومن الجزع والعياذ بالله نهاياته؛ لأنا فقدنا الوالد الشفيق المؤثر بالخطير والدقيق، والحدب علينا بالدعاء إلى سواء الطريق، والمروح على قلوبنا بمراوح نسيم التحقيق، والجاذب لنا من الهوة في عذاب الحريق، والمطهر لأخلاقنا من الرذايل المذمومة، والسجايا الملومة، كافأه الله عنا وغفر له ولنا، ولله در القائل:
ما نالت النفس على بغية
من فاته ود أخ صادق ... ألذ من ود صديق أمين
فذلك المغبون حق اليقين
في الله نحتسبه، وندخر ليوم القيامة ثوابه، في الخبر عن: سيد البشر
صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((مصائب الدنيا خمس: موت الأخ في الله، وفوت الحج، وموت العلماء والصالحين، ونسيان القرآن، وفوت التكبيرة الأولى مع الإمام)). والصبر أي أخي بنا أجدر.
اصبر لكل مصيبة وتجلد
واصبر كما صبر الكرام فإنها
وإذا أصبت بنكبة تشجى بها ... واعلم بأن المرء ليس(بمخلد) (1)
نوب تنوب اليوم تكشف في غد
فاذكر مصابك بالنبي محمد
هذه جملة من صفة أخلاقه المرضية:
Página 58