نعم هو رجل شمر تشمير اللبيب الحازم، وعزف نفسه عن الدنيات [الحوارم](1) واستعمل عقله الذي هو حجة الله عليه، وتبصر بعقله ما يصير إليه، استصبح بكتاب الله، واستنار بسنة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وخاض في لججها مدة من الزمان، فاستخرج منها اللؤلؤ والمرجان، فاعتدلت فطرته، وصفيت(2) طبيعته، وسمت همته، نظر بعينه الصحيحة لنفسه، ومهد لغده ورمسه، وتزود لبعد سفره من الأعمال الصالحة , والتجارة الرابحة، {إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}[فاطر:28]{إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}[فاطر:29، 30] ما يفوز به عند الله لينال كرامة الله التى أرادها، وجمع شؤون الاستعداد، واستكثر من العدة والزاد، فأسلمه ذلك إلى مباشرة اليقين بربه، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:((اعبد الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك)) (3).
Página 54