Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
فأما قولهم : إن السجع يدل على التكلف ، فإن المذموم هو التكلف الذي تظهر سماجته وثقله للسامعين ؛ فإما التكلف المستحسن ، فأي عيب فيه ! ألا ترى أن الشعر نفسه لا بد فيه من تكلف إقامة الوزن ، وليس لطاعن أن يطعن فيه بذلك ! واحتج عائبو السجع بقوله عليه السلام لبعضهم منكرا عليه : ' أسجعا كسجع الكهان ' ! ولولا أن السجع منكر لما أنكر عليه السلام سجع الكهان وأمثاله . فيقال لهم : إنما أنكر عليه السلام السجع الذي يسجع الكهان أمثاله ، لا السجع على الإطلاق ، وصورة الواقعة أنه عليه السلام أمر في الجنين بغرة ، فقال قائل : أأدي من لا شرب ولا أكل ، و لا نطق ولا استهل ، ومثل هذا يطل ! فأنكر عليه السلام ذلك ، لأن الكهان كانوا يحكمون في الجاهلية بألفاظ مسجوعة كقولهم : حبة بر ، في إحليل مهر . وقولهم : عبد المسيح على جمل مشيح ، لرؤيا الموبذان ، وارتجاس الإيوان ؛ ونحو ذلك من كلامهم . وكان عليه السلام قد أبطل الكهانة والتنجيم والسحر ، ونهى عنها ، فلما سمع كلام ذلك القائل أعاد الإنكار ، ومراده به تأكيد تحريم العمل على أقوال الكهنة . ولو كان عليه السلام قد أنكر السجع لما قاله ، وقد بينا أن كثيرا من كلامه مسجوع ، وذكرنا خطبته .
ومن كلامه عليه السلام المسجوع خبر ابن مسعود رحمه الله تعالى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' استحيوا من الله حق الحياء ' ، فقلنا : إنا لنستحيي يا رسول الله من الله تعالى ، فقال : ' ليس ذلك ما أمرتكم به ، وإنما الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا ' .
ومن ذلك كلامه المشهور لما قدم المدينة عليه السلام أول قدومه إليها : ' أيها الناس ، أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا الليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ' .
وعوذ الحسن عليه السلام ، فقال : ' أعيذك من الهامة ، والسامة ، وكل عين لامة ' ؛ وإنما أراد ملمة ، فقال : لامة لأجل السجع .
وكذلك قوله : ' ارجعن مأزورات ، غير مأجورات ' ، وإنما هو موزورات ، بالواو .
ومن خطبة له بعد انصرافه من صفين
صفين : اسم الأرض التي كانت فيها الحرب ، والنون فيها أصلية ، ذكر ذلك صاحب الصحاح ؛ فوزنها على هذا فعيل ، كفسيق ، وخمير ، وصريع ، وظليم ، وضليل ، فإن قيل : فاشتقاقه مماذا يكون ؟ قيل : لو كان اسما لحيوان لأمكن أن يكون من صفن الفرس - إذا قام على ثلاث وأقام الرابعة على طرف الحافر - يصفن بالكسر ، صفونا . أو من صفن القوم ، إذا صفوا أقدامهم لا يخرج بعضها من بعض .
فإن قيل : أيمكن أن يشتق من ذلك وهو اسم أرض ؟ قيل : يمكن على تعسف ، وهو أن تكون تلك الأرض لما كانت مما تصفن فيها الخيل ، أو تصطف فيها الأقدام ؛ سميت صفين .
Página 84