Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
فإن قيل : أيمكن أن تكون النون زائدة مع الياء ، كما هو في غسلين ، وعفرين ؟ قيل : لو جاء في الأصل صف ، بكسر الصاد لأمكن أن تتوهم الزيادة ، كالزيادة في غسل ، وهو ما يغتسل به ، نحو الخطمي وغيره ، فقيل : غسلين ، لما يسيل من صديد أهل النار ودمائهم ، وكالزيادة في عفر وهو الخبيث الداعي ، فقيل : عفرين ، لمأسدة بعينها . وقيل : عفريت للداهية ، هكذا ذكروه .
ولقائل أن يقول لهم : أليس قد قالوا للأسد : عفرنى ، بفتح العين ، وأصله العفر ، بالكسر ، فقد بان أنهم لم يراعوا في اشتقاقهم وتصريف كلامهم الحركة المخصوصة ، وإنما يراعون الحرف ، ولا كل الحروف ، بل الأصلي منها ؛ فغير ممتنع على هذا عندنا أن تكون الياء والنون زائدتين في صفين .
وصفين : اسم غير منصرف للتانيث والتعريف ، قال :
إني أدين بما دان الوصي به . . . يوم الخريبة من قتل المحلينا
وبالذي دان يوم النهر دنت به . . . وشاركت كفه كفي بصفينا
تلك الدماء معا يا رب في عنقي . . . ثم اسقني مثلها آمين آمينا
الأصل : أحمده استتماما لنعمته ، واستسلاما لعزته ، واستعصاما من معصيته . وأستيعنه فاقة إلى كفايته ؛ إنه لا يضل من هداه ، ولا يئل من عاداه ، ولا يفتقر من كفاه ، فإنه أرجح ما وزن ، وأفضل ما خزن . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة ممتحنا إخلاصها ، معتقدا مصاصها ، نتمسك بها أبدا ما أبقانا ، وندخرها لأهاويل ما يلقانا ؛ فإنها عزيمة الإيمان ، وفاتحة الإحسان ، ومرضاة الرحمن ومدحرة الشيطان . الشرح : وأل ، أي نجا ، يئل . والمصاص : خالص الشيء . والفاقة : الحاجة والفقر . والأهاويل : جمع أهوال ، والأهوال : جمع هول ، فهو جمع الجمع ، كما قالوا : أنعام وأناعيم ، وقيل : أهاويل أصله تهاويل ، وهي ما يهولك من شيء ، أي يروعك ، وإن جاز هذا فهو بعيد ، لأن التاء قل أن تبدل همزة . والعزيمة : النية المقطوع عليها ، ومدحرة الشيطان ، أي تدحره ، أي تبعده وتطرده .
وقوله عليه السلام : استتماما ، واستسلاما ، واستعصاما ؛ من لطيف الكناية وبديعها ، فسبحان من خصه بالفضائل التي لا تنتهي ألسنة الفصحاء إلى وصفها ، وجعله إمام كل ذي علم ، وقدوة كل صاحب خصيصة ! وقوله : فإنه أرجح ، الهاء عائدة إلى ما دل عليه قوله : أحمده ، يعني الحمد ، والفعل يدل على المصدر ، وترجع الضمائر إليه كقوله تعالى : ' بل هو شر ' وهو ضمير البخل الذي دل عليه قوله : ' يبخلون ' .
لزوم ما لا يلزم أحد أنواع البديع
Página 85