الأحاديث والآثار، ثم هو على قلته كثير التكرار؛ لأن الشافعي ﵀ كان يستدل بالأحاديث في موضع من كتابه ثم يأتي ذلك المعنى أو غيره من المعاني يدل هذا الحديث أو بعضه عليها في موضوع آخر من كتابه أو في غيره من الكتب، فيعود يستدل بذلك الحديث فيتكرر ذكره لتكرر (١) ذكر ذلك المعنى، إما لاختلاف الموضع أو لاشتماله على معنى آخر.
وليس هذه الأحاديث المودعة في هذا المسند جميع ما رواه الشافعي ولا جميع ما استدل به على الأحكام الفقهية وغير هؤلاء الأحاديث التي وردت في جميع كتبه بل ولا جميع الأحاديث التي وردت في الكتب التي سماها أبو العباس الأصم في المسند، وذكر أنه أخرج الأحاديث منها، فلست أدري ما كان غرض الأصم ﵀ من اقتصاره على هذه الأحاديث التي خرجها من هذه الكتب وسماها "مسند الشافعي" ولعله قد كان له غرض لم أقف عليه فإن أغراض العلماء تختلف، ومقاصدهم -تتباين (٢). وبالجملة فإن هذه الأحاديث التي تضمنها هذا المسند- وإن كانت قليلة العدد- فإنها من أمهات الأحاديث الفقهية، وظواهر الأدلة الشرعية. وحيث تعين الشروع فيها والتزام شرحها رأينا أقرب الطرق في ذلك إجراءها على ما هي عليه من الوضع والترتيب وأن نبتدئ بالحديث الأول من المسند ونشرحه، ثم بالثاني، ثم بالثالث، وكذلك إلى آخر كل كتاب منها ثم نتلوه بالكتاب الثاني وأحاديثه على النسق، ثم بالكتاب الثالث وهكذا إلى آخر المسند؛ ونذكر شرح كل حديث بعد ذكر
متنه لكن صَدتنا عن ذلك أمور؛ الأول: أن كثيرًا من الأحاديث قد تكرر -كما ذكرنا في عدة مواضع- فإن نحن شرحنا كل حديث فيها تكرر الشرح، وإن نحن أحلنا بالشرح على ما سبق احتاج الناظر في الكتب أن يتجشم كلفة
_________
(١) في الأصل "لتكر" وهو تصحيف أو سهو من الناسخ والصواب الموافق للسياق ما أثبتناه.
(٢) وهذا يدل على نبل هذا الإمام الهمام وشدة إنصافه وإجلاله لأهل العلم ورجاله، والأنصاف عزيز.
1 / 30