التطلب والاعتبار لذلك الحديث في أي موضع قد جاء ثم الكتاب في نفسه كبير فيضع الغرض.
الأمر الثاني: أن كثيرًا من الأحاديث قد جاء في المسند في غير موضعه من أحكام الفقه كما جاء في أحاديث كتاب "الرسالة" وكتاب "اختلاف الآحاديث"، وكتاب "اختلاف الشافعي ومالك"، وكتاب "اختلاف علي وعبد اللَّه"، وكل واحد من هذه الأحاديث المودعة في هذه الكتب المذكورة هو دليل على حكم فقهي أولى المواضع به موضع ذلك الحكم الفقهي، وإنما أورده الشافعي في هذه الكتب لبيان ما تضمنه اسم الكتاب المودع فيه.
الأمر الثالث: أن أحاديث المسند مسرودة فيه على غير ترتيب ولا نسق وإنما هي مخرجة من أماكنها في كتب الشافعي ولا تكاد أحاديثها تنتظم ولا يتبع بعضها بعضًا ولا يفهم كل حديث منها لِمَ أخرجه الشافعي؟! إلا بعد نظرٍ وتدبّر وفكر في معناه، ولعل الشافعي يكون قد أخرج ذلك الحديث لمعنى ويشتمل الحديث على غيره من المعاني فيظن أنه إنما أخرجه لمعنى غير المعنى الذي أخرجه له.
الأمر الرابع: أنها وإن كانت مخرجة على معاني الفقه، فإن كتب الصدر الأول من الأئمة لم تكن مرتبة مبوبة مفصلة على الوضع الذي هي كتب الفقه اليوم عليه، فإن كتب المتأخرين أحسن ترتيبًا، وأتم شيء صنعًا، وأكمل تفصيلًا.
والنفوس إلى هذه الأوضاع [المتأخرة] (١) أميل وفي تلك أزهد.
فلما كان الأمر على ذلك رأينا أن ننقل الأحايث التي في المسند إلى المواضع
_________
(١) ما بين المعقوفتين بالأصل [المتأخر] والجادة ما أثبتناه.
1 / 31