التي تضمنها هذا المسند، والتي جاءت في غيره من كتبه في الفقه وغيرها؛ فإنه- وإن كان قد جمعها وتكلم عليها -فإنه لم يقصد في كتابه قصد الشارحين، وإنما تكلم على بعضها من جهة الإسناد وعلى بعضها من جهة الفقه. ولقد أحسن ﵀ فيما قصد إليه، فإنه أتى بكل حسنة، ونبه على كل فضيلة. فناجَتني نفسي أن أنتصب لشرح هذا الكتاب شرحًا جامعًا كل ما يتعلق به من أنواع الشروح وأقسام المعاني، وتقضت الأيام وهذا العارض في النفس، ويقوى الخاطر المبارك ويشتد والهمة تنازع إليه، والرغبة تنافس عليه، وأنا أعلل النفس بما يشغلها عن مقصدها وهي لا ترعوي إلى مقالة ناصح ولا يردعها عن رأي صالح في اغتنام متجرٍ رابح، فاستخرت اللَّه ﷿ وشرعت في العمل بهذا الرأي الذي أرجو من اللَّه سبحانه الجزاء عليه، وإتمام النعمة علي بالنظر في الدار الآخرة إليه، إنه ولي الإجابة. وقد سميته كتاب "الشافي في شرح مسند الشافعي" وأنا أسأل كلَّ من وقف عليه من أولى الفهم والدراية وأرباب النقل والرواية، ورأي فيه خللًا أو لمَح منه زللًا أن يصلحه فإني مقر
بالتقصير في هذا المقام الكبير، معترف بالعجز عن الإحاطة بهذا البحر الغزير، واللَّه الموفق للصواب في القول والعمل بمنه وكرمه.
ثم لما يسر اللَّه هذا الرأي وقدره؛ نظرت في هذه الأحاديث التي اشتمل عليها المسند المذكور فرأيتها مخرجة من بعض كتب الشافعي ﵀ مثل كتاب "استقبال القبلة"، وكتاب "الأمالي" وكتاب "الإمامة" وكتاب "الصيام الكبير"، وكتاب "اختلاف الحديث" وكتاب "الرسالة"، وغيرها من الكتب وسيجيء تفصيل ما صنفه الشافعي من الكتب في ذكر مناقبه وفضائله مستوفاة مفصلة، وهي زائدة على الكتب المسماة في هذا المسند، وليس كتاب من كتبه إلا وهو مشحون بأحاديث رسول اللَّه ﷺ وآثار الصحابة والتابعين، وأجلتُ الفكر في هذا المسند وهو ما أخرجه أبو العباس الأصم من الكتب المذكورة وجمعه، فرأيته صغير الحجم قليل الأحاديث بالنسبة إلى ما رواه الشافعي من
1 / 29