"معالم السنن في شرح سنن أبي دواد السجستاني" وكما فعله الفقيه أبو عبد الله: محمد بن علي المازري في كتابه "المعلم في شرح صحيح مسلم" وكما فعله: أبوعمر: يوسف بن عبد البر في شرح كتاب الموطأ في كتابه الذي سماه "التمهيد". وغير هؤلاء ممن تصدى لشرح كتب الحديث المدونة؛ فإن فيهم كثرة، إلا إنهم دون القسم الأول في الكثرة. ومنهم جماعة أخرى قصدوا إلى تدوين أحاديث تتعلق بالأحكام وغيرها وشرحوها على نحو ما اختاروه من أنواع الشروح مثل الإمام: أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب "السنن الكبير" (١) له، وكتاب "السنن والآثار" له.
ومثل الإمام: أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي الفراء في كتاب "شرح السنة" له، وغيرهما من الأئمة؛ إلا أن هؤلاء دون القسم الثاني في الكثرة.
ومن عدا هؤلاء من العلماء فإن أغراضهم ومقاصدهم في تأليفاتهم لا تقف عند حدٍّ ولا تنتهي إلى حصر بحسب ما يعرض لهم من الخواطر الداعية إلى التصنيف إلا أني لم أرَ فيما وقفت عليه أو سمعته أو بلغني أن أحدًا تصدّى لشرح: "مسنْد الشافعي" -رحمة اللَّه عليه- الذي يرويه عنه الربيع بن سليمان المرادي، وقد جمعه: أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ، وهو كتاب مشهور بينْ العلماء، مروي ثابت الإسناد متصل الطريق، ولقد عجبت من غُفُول العلماء وذهول الفقهاء عن اغتنام هذه الفضيلة وانتهاز هذه المنقبة والمسابقة إليها؛ اللهم إلا أن يكون قد شرح ولم يصل إلىّ ولا بلغني، وإن ما لم أقف عليه ولا سمعت به من تصانيف العلماء وكتب الفضلاء لكثير لا يمكن حصره، هذا مع كون هذا المسند من أعلى المسانيد قدرًا وأبعدها ذكرًا، وصاَحبه أشرف العلماء وأجلهم، واحد الأئمة المجتهدين -بل واحدهم. وحيث لم أقف له على شرح إلا ما قصد إليه الإمام أبو بكر البيهقي في كتاب "السنن والآثار" من تدوين أحاديث الشافعي
_________
(١) وهو المطبوع بعنوان (السنن الكبرى) والصواب في تسميته ما ذكره المصنف وكذا ذكر الذهبي في السير في ترجمة البيهقي، وهذا هو المثبت على لوحة بعض مخطوطات الكتاب.
1 / 28