مجالس الفضلاء من طبقة شيوخه مما يدل على علو شأنه ورفعة قدره ومنزلته عند أشياخه، وكان أكثر اشتغاله بالفقه وأصوله، وعلوم الحديث والقرآن والتفسير، وقد ترك بها مصنفات كثيرة (١).
ولم تقتصر ثقافته على العلوم الإِسلامية، بل كان له باع فى الأدب وإحاطة بلغة العرب مع رقة فى الطبع، واتساع فى مجال الفكر، وكان لذلك أثره فى فهمه لكتاب اللَّه، والوقوف على بعض أسراره.
قال فى كتابه البرهان: "وإنما يفهم بعض معانيه ويطلع على أسراره ومبانيه من قوى نظره، واتسع مجاله فى الفكر، وتدبره، وامتد باعه، ورقت طباعه، وامتد فى فنون الأدب وأحاط بلغة العرب" (٢).
ولهذا كان اشتغاله بهذه الفنون إنما كان لقصد محاولة فهم بعض معانى القرآن، لأن هذه العلوم أدوات ووسائل لابد منها لمن يتصدى للتفسير، وغيره من العلوم الشرعية، وقد شهد له الجميع بأنه كان محررا مصنفًا، وكان يكتب مصنفاته بنفسه، كما كان خطه ضعيفًا جدًا قل من يحسن استخراجه.
وبالجملة فقد عاش حياة عادية، لم ينقطع انقطاعًا تامًا عن الحياة بل كان على سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- فقد تزوج، وكان له أسرة صالحة بنون وبنات، فمن البنين محمد، وله ذيل على كتاب اللآلىء المنثورة، وأبو الحسن على، وأحمد ويدعى عبد الوهاب وكان فى الثانية من عمره فى سنة وفاة والده. ومن البنات: عائشة، وفاطمة، وقد أجاز لهم جميع مؤلفاته (٣) - رحمه اللَّه تعالى.
* * *
_________
(١) انظر ذيل طبقات الحفاظ لابن فهد المكى ٢١٣، شذرات الذهب ٦/ ٣٣٥.
(٢) البرهان ١/ ٥.
(٣) انظر الإجابة ص ١٧٥.
1 / 29