المبحث الثانى مكانته وأخلاقه
كان ﵀ إمامًا من الأئمة الأفذاذ، له الباع الطويل فى مختلف العلوم الإِسلامية حيث كان أصوليًا، فقيهًا، محدثًا، مفسرًا، أدبيًا، فاضلًا، رضى الخلق، محمود الخصال، عذب الشمائل، متواضعًا رقيقًا، يلبس الخلق بن الثياب، ويرضى بالقليل من الزاد، لا يشغله عن العلم شىء من مطالب الدنيا.
قال ابن حجر: "كان منقطعًا فى منزله لا يتردد إلى أحد إلا إلى سوق الكتب، وإذا حضره لا يشترى شيئًا، وإنما يطالع فى حانوت الكتبى طول نهاره، ومعه ظهور أوراق يعلق فيها ما يعجبه، ثم يرجع فينقله إلى مصنفاته (١).
قال ﵀ فى كتابه البرهان: "اعلم أن بعض الناس يفتخر ويقول: كتبت هذا وما طالعت شيئًا من الكتب، ويظن أنه فخر، ولا يعلم أن ذلك غاية النقص، فإنه لا يعلم مزية ما قاله على ما قيل ولا مزية ما قيل على ما قاله، فبماذا يفتخر؟ ومع هذا ما كتبت شيئًا إلا خائفًا من اللَّه تعالى مستعينًا به، معتمدًا عليه، فما كان حسنًا فمن اللَّه وفضله، وما كان ضعيفًا فمن النفس الأمارة بالسوء" (٢).
ولا يتردد من قرأ فى كتبه فى أنه أشعرى العقيدة، شافعى المذهب.
* * *
_________
(١) انظر الدرر الكامنة ٤/ ١٧، ١٨، شذرات الذهب ٦/ ٣٣٥.
(٢) البرهان ١/ ١٦.
1 / 30