============================================================
سمعتم، معاشر الموحدين، بان الإسلام باب الإيمان والإيمان باب التوحيد، لأن التوحيد هو النهاية الذي لا شيء أعلا منه. فإذا كان إسلام والإيمان اللذان13 هما كثيفان ، لا يكمل أحدهما إلا بالشروط والأعمال الصالحة، فكيف توحيد مولانا جل ذكره الذي هو النهاية والعقبة التي في جوازها فك الرقبة، أي يتخلصوا بتوحيد مولانا جل ذكره من حشو الشريعتين اللذين هما الظاهر والباطن؟ فمن كان يزعم باه مؤمن موحد، ولا يعمل بما فيه رضي مولانا سبحانه، ولا يكون سادقا في جميع أقواله، محسنا في جميع أفعاله، راضيا بقضاء مولانا سبحانه، مسلما جميع أموره إليه، متكلا في السراء والضراء عليه، كان مدعيا في أقواله، عاصيا في جميع أفعاله. وإنما تسمى بالتوحيد، واستعمل الشرك والتلحيد، واتخذ الدين لهوا ولعبا، ومال إلى الراحة والإباحة، و "خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين" [11/22] .
ولو علمتم ما الزمتم به من سدق اللسان، وحفظ الإخوان، والتوحيد لولانا جل ذكره والتسليم لأمره، لبان لكم الحق من الباطل، والإيمان من الجحود، والكفر من التوحيد؛ والإيمان في لغة العرب هو التسديق بالسان، والقلب واللسان معبران ما في الضمائر، فمن لم يكن سادقا بلسانه فهو بالقلب أكذب يقينا وأكثر نفاقا. واعلموا ان السدق هو الإيمان والتوحيد بكماله، والكذب هو الشرك والكفر والضلالة ؛ فمن كذب على آخيه المؤمن فقد كذب على داعيه، ومن كذب على داعيه فقد كذب على إمامه، ومن كذب على إمامه فقد كذب على مولانا سبحانه ومن كذب على مولانا سبحانه فقد جحد نعمته واستوجب سخطه والكذب أن يقول أحدكم في أخيه ما ليس فيه أو يحرف
Página 513