فشكك في الرواية أولا ثم أبان أنها إن ثبتت فهي عند أهل السنة في عصاة من الموحدين. ثم نقول بعد ثبوت هذين الأثرين عن هذين الصحابيين لا دلالة فيهما على فناء النار الذي هو محل النزاع بوجه من الوجوه فإن قوله: (ليس فيها أحد) دال على بقائها فإنك إذا قلت ليس في الدار أحد فإنه دال على بقاء الدار لا على فنائها ثم عرفت قول البغوي أن أهل السنة حملوه على خروج الموحدين من النار. وهذا الحمل متعين عند ابن تيمية بخصوصه وعند جميع من عداه. أما عنده فإنه لا يقول بخروج الكفار من النار بل يقول بعد فنائها وذهابها لا يتصور فيها بقاء الكفار وهذان الأثران حاكمان بخروج من فيها وليس إلا عصاة الموحدين أما عند غيره من أهل السنة فالأمر واضح في أن الأثرين ليسا إلا في خروج الموحدين. ولفظ أثر ابن مسعود وإن كان عاما فإنه نكرة في سياق النفي إلا أنه معلوم تخصيصه بالأدلة الدالة على أن الكفار ليسوا منها بمخرجين (٣٣) . عند ابن تيمية وغيره كما عرفت
_________
(٣٣) قلت: لعل الأولى أن يقال: (بخارجين) اتباعا للقرآن فإن هذا اللفظ هو الذي جاء فيه بحق الكفار بخلاف لفظ الكتاب (بمخرجين) فإن فيه في حق أهل الجنة ولعدم الانتباه لهذا التبس الأمر على المؤلف تبعا لابن القيم فأورد آية أهل الجنة (وما هم منها بمخرجين) في جملة الآيات الواردة في أهل النار كما سيأتي التنبيه على ذلك في الدليل الثاني للقائلين بعدم فناء النار (ص ١١٧)
1 / 76