فهذا هو الذي أراده ابن عباس ولو لم يحمل كلام ابن عباس على هذا لكان مقتضاه بأنه لا يحكم بأن أهل الشرك يدخلون النار ولا بأن أهل التوحيد يدخلون الجنة إذ الإنزال هو الدخول وهذا رد لصريح القرآن وإثبات لقول لم يقله أحد من أهل الإيمان لا شيخ الإسلام و[لا] سائر علماء الأنام
ثم [إن] حكمنا بأن الفجار في النار والأبرار في جنات تجري من تحتها الأنهار ليس حكما منا بل الله تعالى هو الذي حكم بذلك وأخبرنا به. فالعجب كله في الاستدلال على فناء النار بهذا الأثر الذي لا يقول أنه يدل على ذلك أحد من النظار وظهور عدم دلالته عليه كالشمس في رابعة النهار وتبين أن مراده لا يحكم على معين أنه من أهل الجنة ولا أنه من أهل النار وكأنه يريد غير من حكم الله ورسوله عليه بأحد الدارين كإخباره ﷺ َ أن العشرة من الصحابة من أهل الجنة وكإخبار الله أنا أبا لهب ﴿سيصلى نارا ذات لهب﴾ ولو فرض دلالته على مدعاه فإنه معارض لما أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال: هاتان من المخبآت (٢٨) قول الله تعالى: ﴿فمنهم شقي وسعيد﴾ (٢٩) وقوله
_________
(٢٨) الأصل (المخفيات) والتصحيح من (الدر المنثور) (٣ / ٣٤٩)
(٢٩) وتمامها مع الثلاث بعدها: ﴿يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذن فمنهم شقي وسعيد. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك فعال لما يريد. وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ﴾ (هود / ١٠٦ - ١٠٩)
1 / 73