احتج به القائلون بأن فساق الملة لا يخرجون من النار وقد تكلمنا عليهم في غير هذا الموضع لكن هذه الآية يضعف جواب من يقول: أن إخلاف الوعيد جائز فإن قوله: ﴿ما يبدل القول لدي﴾ بعد قوله: ﴿وقد قدمت إليكم بالوعيد﴾ دليل على أن وعيده لا يبدل كما لا يبدل وعده)
رابعا: حديث أنس المذكور إسناده ضعيف كما كنت بنيته في (الأحاديث الصحيحة) (٢٤٦٣) وعلى فرض ثبوته فهو بمعنى قوله تعالى: ﴿إن الله لا يفغر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ وما في معناها من الأحاديث أي أن الحديث في الموحدين وليس في المشركين فهؤلاء مستثنون من المغفرة بهذه الآية وغيرها
وإلى هذا أشار العلامة المرتضى اليماني بقوله في (إيثار الحق على الخلق) (ص ٣٨٩): (والحق أن الله لا يخلف الوعيد إلا أن يكون استثنى فيه) . وهذا مما يشعر به قول ابن تيمية نفسه في (مجموع الفتاوى) (٢٤ / ٣٧٥) فإنه قال:
(وأحاديث الوعيد يذكر فيها السبب وقد يتخلف موجبه لموانع تدفع ذلك إما بتوبة مقبولة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بشفاعة شفيع مطاع وإما بفضل الله ورحمته ومغفرته فإنه ﴿لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾
فهذا منه ﵀ كالتفصيل لكلام ابن القيم وهو يقيده ويبين أن الإخلاف للوعيد إنما يكون لمانع من تلك الموانع وليس منها الشرك بداهة فإن الله لا يغفره
فتأمل في هذا يتبين لك خطأ ابن القيم في بعض مما يدعيه ويعزوه لأهل السنة دون قيد أو شرط فيكون ذلك مثار شبهة عنده تحمله على أن يتأول النصوص القاطعة الدلالة فيخرج بذلك عما عليه أهل السنة والجماعة فيقع في الخطأ من حيث لا يدري ولا يشعر
1 / 44