أصله بمجرد القلب، أو القلب والبدن، بل أوجب دعاء الله ﷿ ومناجاته، وتكليمه ومخاطبته بذلك ليكون الواجب من ذلك كاملا صورة ومعنى بالقلب وبسائر الجسد.
وقد جمع بين هذين الأصلين الجامعين إيجابًا وغير إيجاب فى مواضع، كقوله فى آخر سورة هود: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣]، وقول العبد الصالح شعيب: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود: ٨٨]، وقول إبراهيم والذين معه: ﴿رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [الممتحنة: ٤]، وقوله سبحانه إذ أمر رسوله أن يقول: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ [الرعد: ٣٠] .
فأمر نبيه بأن يقول: على الرحمن توكلت وإليه متاب، كما أمره بهما فى قوله: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣] والأمر له أمر لأمته، وأمره بذلك فى أم القرآن وفى غيرها لأمته ليكون فعلهم ذلك طاعة لله وامتثالا لأمره، ولا يتقدموا بين يدى الله ورسوله؛ ولهذا كان عامة ما يفعله نبينا ﷺ والخالصون من أمته من الأدعية والعبادات وغيرها إنما هو بأمر من الله؛ بخلاف من يفعل ما لم يؤمر به وإن كان حسنًا أو عفوًا، وهذا أحد الأسباب الموجبة لفضله وفضل أمته على من سواهم،
1 / 60