هو أبو سعيد عبد الله بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن رياح بن عمرو بن عبد شمس بن أعيا بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر، وقريبُ لقب واسمه عاصم ويكنى أبا بكر الباهلي. قال الأصمعي: الأصمع الأملس المحدد وبه سميت الصومعة. قال: ويقال رجل أصمع إذا كان ذكيًا حديد الفؤاد. - قال الأصمعي: لما حضرت جدي عليَّ بن أصمع الوفاة جمع بنيه وقال: يابنيَّ، عاشروا الناس معاشرة حسنة، فإن عشتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم! وقيل لأبي عبيدة: إن الأصمعي ينتمي إلى باهلة، فلو تكلمت فيه أنه يدَّعي إليهم؟ فقال: لا، دعوه يكن منهم! يعني أنه لاشرف له فيهم لأنه لا أثر لهم في الجاهلية ولامناقب، ألا ترى أنّ النبي ﷺ قال لرجل: على أنك إن قتلت رجلًا من باهلة قتلت به مبالغة في خِسَّة المقتول. وقال الأشعث بن قيس الكندي للنبي ﷺ: أتتكافأ دماؤنا، يارسول الله؟ قال: نعم، ولو قتلت رجلًا من باهلة لقتلك به. - قال الشعبي: كانت العرب في الجاهلية إذا أسرت أسيرًا فدته بأسير، إلا أن يكون باهليًا أو غنويًا زادوا عليه قلوصين. - وأنشد رجل من بني عبد القيس " من المتقارب ":
أباهلَ ينبحني كلبكم ... وأسدكم ككلاب العرب
ولو قيل للكلب: ياباهليُّ ... عوى الكلب من لؤم هذا النسب
وقال بشَّار " من الوافر ":
إذا أنكرت نسبة باهليٍ ... فكشف عنه ناحية الإزار
على أستاه ساداتهم كتابٌ ... موالي عامرٍ وسما بنارِ
قال أبو هشام لبشار: إن الله قد أعمى عينيك، فما ترى؟ ولكن قل لمن ينظر هل مما ذكرت شيئًا؟! يعني قوله: " على استاه ساداتهم كتاب ". فقال له بشار: أنت من سفلتهم وإنما قلت: على استاه ساداتهم "! قال المرزباني: وأغار أحمد بن أبي طاهر على بشار في بيته وعلى كلام أبي عبيدة الذي تقده فقال وأساء " من المنسرح ":
لاتدفع الباهلي عن حسبه ... دعه وما يدعيه من نسبه
سلم لدعواه باهليته ... لعله أن يلَّج في كذبه
إنك إن تبغه فما أحدٌ ... ألأم من قومه ولا حسبه
فإن طغا أو زها عليك بما ... صحَّ له في اللئام من عربه
فارفع حواشي إزاره تر ما ... يلوح من وسمه على ذنبه
وقال أبو العيناء: رأيت أبا قلابة الجزمي في جنازة الأصمعي وهو يقول " من الخفبف ":
لعن الله أعظما حملوها ... نحو دار البلى على خشبات
أعظما تبغض النبي وأهل البيت والطيبين والطيبات
وقال رجل للأصمعي: لاتنس وعدي! قال: ما أحسن ما قال الأعشى " من الطويل ":
وإني إذا ما قلت قولًا فعلته ... ولستُ بمخلاف لقولي مبدل
ثمّ أنشد " من الطويل ":
وإني لمنجاز لما قلت، إنني ... ارى وصمة أن يخلف الحُرُّ واعده
قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: ما رأيت أحدًا قط مثل الأصمعي في العلم بالشعر ولا مقارنا له، ما أنشدته شيئًا قط إلا أنشدني في مثله حتى كأنه أعده لي، فأنشدته للأعشى " من البسيط ":
عُلِقتُها عَرضًا وعُلِقت رُجلًا ... غيري وعُلق أخرى غيرها الرجلُ
فأنشدني من وقته " من الكامل ":
قتلتك أخت بني لؤيٍ إذ رمت ... وأصاب نبلك إذ رميت سواها
وأعارها الحدثان منك مودةً ... وأعار غيرك وُدَّها وهواها
وقال الأصمعي: ستة لاتخطئهم الكآبة: فقيرٌ حديث عهد بغنى، ومكثرٌ يخاف على ماله التلف، والحسود، والحقود، وطال مرتبة فوق قدره، وخليط أدباء ولا أدب له. وقال: من قعد به نسبه نهض به أدبه. وقال: لاترى أحدب إلا خفيف الروح ولا أعمى إلا ثقيل الروح ولا أحول إلا خبيث الطريقة. وقال: الاستطالة على من أنعمت عليه هدم لصنيعتك وتكدير لمعروفك. وقال: ثلاثة أشياء يذهبن الذهن: كثرة النظر في المرآة وكثرة الضحك ودوام النظر إلى البحر، وثلاث تورث الانقطاع: الإكثار من أكل الباذنجان والزيتون والباقلي.
وقال أبو حاتم: كنا عند الأصمعي، فقال رجلٌ: من القائل " من الوافر ":
فمن يكُ سائلًا عني فإني ... من الفتيان أيامَ الخنان
1 / 46