وبين الإسم الشرعي واللغوي مناسبة معنوية ؛ لأن أهل اللغة سموا من جاء بالغريب من فعله أوقوله مبتدعا لغرابة ما جاء به، وهذا في الشرع معتبر ؛ لأنه إنما سمي من خالف السنة مبتدعا لأنه جاء بالغريب الذي لم يعلم من الشريعة، ولما علم من الشرع أن البدعة إسم ذم، اتسع تداول الألسنة هذا الإسم، حتى قال في ذلك أهل اللسان، واعتمد في تشبيه التخييل من شواهد علم البيان.
فكأن النجوم بين دجاها .... سنن لاح بينهن ابتداع
قال أهل البيان: وجه التشبيه الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة في جوانب شيء مظلم أسود فهي غير موجودة في المشبه به إلا على طريق التخييل، وذلك أنه لما كانت البدعة وكلما هو جهل يجعل صاحبها كمن يمشي في الظلمة فلا يهتدي إلى الطريق، ولا يأمن أن ينال مكروها، شبهت به، ولزم من طريق العكس أن تشبه السنة وكلما هو علم بالنور والبياض، ومنه الحديث ((أتيتكم بالحنيفية البيضاء)).
وأما السنة فهي في اللغة الطريقة، وعليه قول أبي ذويب الهذلي:-
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها .... فأول راض سنة من يسيرها
وقد بين ذلك مولانا أمير المؤمنين المنصوربالله عليه السلام في كتابه المعروف "بالحكم السوابغ في شرح الكلم النوابغ".
Página 90