. . . . . . . . . . . . . . . . ... لَظًَا شَرَرٌ يُرْمَي بِهِ فِيهِ كَالْقَصْرِ (١)
٥٧ - وَلَيْسَ الْغِنَا (٢) بِالْحَدْوِ (٣) وَالنَّدْبِ (٤) مُشْبَهًَا ... وَلَا شُبِّهًَا إِيرَادَ شَيءٍ مِنَ الشِّعْرِ (٥)
_________
(١) القَصْر: واحد القُصور، وهو البناء العظيم، والناظم يشير إلى قوله تعالى عن النار - أعاذنا الله منها -: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْر﴾ (المرسلات/٣٢).
(٢) قال الإمام ابن رجب في نزهة الأسماع (ص/٦٤) نقلا عن الإمام الطبري: [إنما يكون الشعر غناء إن لحن، وصيغ صيغة تورث الطرب، وتزعج القلب، وتثير الشهوة الطبيعية، فأما الشعر من غير تلحين فهو كلام، كما قال الشافعي: الشعر كلام، حسنة كحسنة، وقبيحه كقبيحه. انتهى]. وسوف يأتي قريبًا - بمشيئة الله - الكلام على معنى التلحين.
(٣) قال الرازي في مختار الصحاح مادة (حدا): (الحَدْوُ سوق الإبل والغناء لها)، وقد روى البخاري (٥/ ٢٢٩٤) (٥٨٥٦) عن أنس بن مالك ﵁ قال: كان النبي ﷺ في مسير له فحدا الحادي فقال النبي ﷺ (ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير)، والحدو مباح قال ابن قدامة في المغني (١٠/ ١٧٥): [فأما الحداء، وهو الإنشاد الذي تساق به الإبل، فمباح، لا بأس به في فعله واستماعه؛ لما روي عن عائشة ...] وساقه بنحو حديث أنس السابق ﵄.
(٤) قال الجوهري في الصحاح مادة (ندب): (نَدَبَ الميِّت، أي بكى عليه وعدَّد محاسنه، يَنْدُبُه نَدْبًا. والاسم النُدْبَةُ) والندب محرم كما ورد في فتوى اللجنة الدائمة رقم (٢١٧٧).
(٥) لعل الناظم يقصد في هذا البيت أن الغناء، والشعر الغير مصحوب بآلة، ليس له حكم ثابت فهو ليس مباحًا كالحدو، ولا محرمًا كالندب، بل إنه كالكلام، حسنه حسن، وقبيحه قبيح كما قال ﷺ.
قال الشيخ الألباني ﵀ في رسالة: " تحريم آلات الطرب " (ص/١٢٦: ١٣٧): قد يقول قائل: ها نحن أولاء قد عرفنا حكم الغناء بآلات الطرب وأنه حرام إلا الدف في العرس والعيد فما حكم الغناء بدون آلة؟
وجوابًا عليه أقول: لا يصح إطلاق القول بتحريمه؛ لأنه لا دليل على هذا الإطلاق كما لا يصح إطلاق القول بإباحته كما يفعل بعض الصوفيين وغيرهم من أهل الأهواء قديما وحديثا لأن الغناء يكون عادة بالشعر وليس هو بالمحرم إطلاقا كيف والنبي ﷺ يقول: (صحيح) " إن من الشعر حكمة ". رواه البخاري وهو مخرج في " الصحيحة " (٢٨٥١)، ... قال ﵊ لما سئل عن الشعر: (صحيح) " هو كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح " وهو مخرج في " الصحيحة " أيضا (٤٤٧) .... ثم أخذ الشيخ يسوق الأحاديث والآثار الدالة على جواز الغناء بدون آلة في بعض المناسبات، ثم قال: وفي هذه الأحاديث والآثار دلالة ظاهرة على جواز الغناء بدون آلة في بعض المناسبات كالتذكير بالموت أو الشوق إلى الأهل والوطن أو للترويح عن النفس والالتهاء عن وعثاء السفر ومشاقه ونحو ذلك مما لا يتخذ مهنة ولا يخرج به عن حد الاعتدال فلا يقترن به الاضطراب والتثني والضرب بالرجل مما يخل بالمروءة ...].
1 / 48