الحادث. أأنا أعيش سبع سنين لا أرى فيها أمي، وقد كنت آلم إن غبت عنها يومًا؟ أأعيش وهي نازحة لا تعود بعد عام ولا عشرة، لا تعود قبل يوم القيامة؟
اللهم صبرًا، فإني والله ما أطيق الصبر.
يقولون إن المصيبة تبدأ صغيرة ثم تكبر، ولكن مصيبتي بأمي تنمو في نفسي كل يوم!
لم أعد أجد في الحياة ما يغريني بها ويرغّبني فيها. وماذا في الحياة؟ كل لذة فيها مغشّاة بألم؛ فيها الربيع الجميل، ولكن فيه بذور الصيف المحرق والشتاء القاسي. وفيها الصحة والشباب، ولكنهما يحملان الهرم والمرض. وفيها الغنى، ولكني ما عرفته وما أحسبني سأعرفه أبدًا.
لقد كرهت الحياة، وزادها كراهة إليّ هؤلاء الناس؛ فلم يفهمني أحد ولم أفهم أحدًا. إن حزنت فأعرضت عنهم مشتغلًا بأحزاني قالوا: متكبر. وإن غضبت للحق فنازعت فيه قالوا: شرس. وإن وصفت الحب الذي أشعر به كما يشعرون قالوا: فاسق. وإن قلت كلمة الدين قالوا: جامد. وإن نطقت بمنطق العقل قالوا: زنديق. فما العمل؟ إليك يا رب المشتكى، فما لي في الدنيا بعد أمي صديق!
تلك هي التي كانت تقبَلني على علاّتي، والناس لا يقبلون إلاّ محاسني. تلك التي كانت تحبني أنا، والناس يحبون أنفسهم فيّ.
1 / 41