يا ويح نفسي! هل بقي لي مستقبلٌ إلاّ الموت، الذي غدوت أحبه وأناديه لو كان يسمع النداء؟!
* * *
لقد وجدت المستقبل عدمًا، فهل عليّ من لوم إذا عدتُ إلى ماضيّ أعيش فيه؟
في هذا الماضي دفنت أمي، وفيه دفنت أبي، وفيه دفنت أحلامي. لقد أحببت كثيرًا وتألمت أكثر مما أحببت، ولكن الحب الحقيقي الواحد الذي انطوى عليه قلبي، والألم الفرد الصادق الذي عرفه، هو حبي أمي وألمي لموتها، وكل ما عداهما حب كاذب وألم عارض.
إني لأنسى البلاد كلها حتى منازل حبي وربوع هواي، ولكني لا أنسى أبدًا ذلك الزقاق الضيق الذي يمتد من العُقَيبة في دمشق إلى رحبة الدَّحْداح، لأن سعادتي وُلدت في أول هذا الزقاق، وماتت في آخره حين مات أبي وأمي.
فيا رب ارحمني بالنسيان. وأين مني النسيان؟
إني لأنظر إليها الآن وهي مريضة على فراشها، كأنما كان ذلك منذ ساعة، فيبكي قلبي ولا أستطيع أن أكتب عنها حرفًا. لا أحب أن أنشر أحزاني حتى لا تلوكها ألسنة الناس، فليبقَ الألم في صدري أحمله وحدي.
أنا لا أصدّق أن هذه السنين السبع قد مرت على ذلك
1 / 40