فهم يخالفونه في مثل مسائل الإيمان والقدر، وبعض الصفات. وجهم يقول: إن الله لا يتكلم، أو يتكلم مجازًا، وهم يقولون: يتكلم حقيقة؛ ولكن قولهم في المعنى قوله، وهو ينفي الأسماء كالباطنية والفلاسفة.
ومنها بطلان قول من زعم أنه فاض من العقل الفعال أو غيره، وهذا أعظم كفرا وضلالا من الذي قبله.
ومنها إبطال قول الأشعرية أن كلام الله معنى، وهذا العربي خلق ليدل عليه، سواء قالوا خلق في بعض الأجسام، أو ألهمه جبريل، أو أخذه من اللوح، فإن هذا لا بد له من متكلم تكلم به أولا، وهذا يوافق قول: أنه مخلوق، لكن يفارقه من وجهين:
أحدهما: أن أولئك يقولون: المخلوق كلام الله، وهؤلاء يقولون: إنه كلام مجازًا، وهذا أشر من قول المعتزلة بل هو قول الجمهية المحضة، لكن المعتزلة يوافقونهم في المعنى.
الثاني: أنهم يقولون: لله كلام قائم بذاته، والخلقية يقولون: لا يقوم بذاته، فالكلامية خير منهم في الظاهر، لكن في الحقيقة لم يثبتوا كلاما له غير المخلوق. والمقصود أن الآية تبطل هذا، والقرآن اسم للعربي، لقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾ ١.
وأيضا فقوله: ﴿نَزَّلَهُ﴾ عائد إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ﴾ ٢؛ فالذي نزله الله هو الذي نزله روح القدس. وأيضا قال: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ﴾ ٣ الآية، وهم يقولون: إنما يعلمه هذا القرآن العربي بشر، لقوله: ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ﴾ ٤ إلخ.
فعلم أن محمدا لم يؤلف نظمه، بل سمعه من روح القدس، وروح القدس نزل به من الله، فعلم أنه سمعه منه لم يؤلفه هو. ونظيرها
_________
١ سورة النحل آية: ٩٨.
٢ سورة النحل آية: ١٠١.
٣ سورة النحل آية: ١٠٣.
٤ سورة النحل آية: ١٠٣.
1 / 73