مثلا للنميمة لأنها تضرم الشر، فيكون حطب القلوب. وقد يقال: ذنبها أعظم، وحمل النميمة لا يوصف بالحبل في الجيد، وإن كان وصفا لحالها في الآخرة، كما وصف بعلها هو يصلى، وهي تحمل الحطب عليه كما أعانته على الكفر، فيكون من حشر الأزواج. وفيه عبرة لكل متعاونين على الإثم أو على إثم ما أو عدوان ما. ويكون القرآن قد عم الأقسام الممكنة في الزوجين وهي الأربعة، كإبراهيم وامرأته، وإما هذا وامرأته، وإما فرعون وامرأته، وإما نوح ولوط. ويستقيم أن يفسر حمل الحطب بالنميمة بحمل الوقود في الآخرة كقوله: "من كان له لسانان" إلخ.
(٨٩) قوله (: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ﴾
الآيتين: لفظ الإنزال في القرآن يرد مقيدا بأنه منه كالقرآن، وبالإنزال من السماء، ويراد به العلو كالمطر، ومطلقا فلا يختص بنوع بل يتناول إنزال الحديد من الجبال، والإنزال من ظهور الحيوان، وغير ذلك. فقوله: ﴿نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ﴾ بيان لنُزول جبريل به من الله كقوله: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ أي: أنه مؤتمن لا يزيد ولا ينقص، فإن الخائن قد يفتري الرسالة. وفيها دلالة على أمور منها: بطلان قول من زعم خلقه في جسم، كالجهمية من المعتزلة وغيرهم؛ فإن السلف يسمون من قال بخلقه، ونفى الصفات والرؤية جهميا. فإن جهما أول من ظهرت عنه بدعة نفي الأسماء والصفات وبالغ في ذلك، فله مزية المبالغة، والابتداء بكثرة إظهاره، وإن كان جعد سبقه إلى بعض ذلك، لكن المعتزلة وإن وافقوه في البعض
1 / 72