والرسل قبل الوحي لا تعلمه فضلا أن تقر به، قال تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ﴾ ١ الآية، وقال: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ﴾ ٢، فجعل إنذارهم بالتوحيد كالإنذار بيوم التلاق، كلاهما عرفوه بالوحي.
وما ذكر أنه ﷺ بغضت إليه الأوثان لا يجب أن يكون لكل نبي، فإنه سيد ولد آدم، والرسول الذي ينشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم يكون أكمل من غيره من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى، وبالنص والقهر، كما كان نوح وإبراهيم، ولهذا يضيف الله الأمر إليهما في مثل قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ﴾ ٣ الآية، ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ﴾ ٤ الآية؛ وذلك أن نوحا أول رسول بعث إلى المشركين، وكان مبدأ شركهم من تعظيم الموتى الصالحين، وقوم إبراهيم مبدؤه من عبادة الكواكب، ذاك الشرك الأرضي وهذا السماوي، ولهذا سد ﷺ ذريعة هذا، وهذا.
ومنها قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ ٥ الآية: بين سبحانه وصف أهل النجاة والسعادة من الأولين والآخرين، وهو الذي يدل عليه اللفظ، ويعرف به معناه من غير تناقض، ومناسبته لما قبلها وما بعدها، ويعرف به قدرها، وهو المعروف عن السلف. ويدل عليه ما ذكروه من سبب نزولها، فروى ابن أبي حاتم بالأسانيد الثابتة عن سفيان عن أبي نجيح
_________
١ سورة النحل آية: ٢.
٢ سورة غافر آية: ١٥.
٣ سورة الحديد آية: ٢٦.
٤ سورة آل عمران آية: ٣٣.
٥ سورة البقرة آية: ٦٢.
1 / 66