عن مجاهد قال سلمان: "سألت النبي ﷺ عن أهل دين كنت معهم فذكر من عبادتهم فنَزلت ولم يذكر فيه أنهم من أهل النار"، كما روي بأسانيد ضعيفة، وهذا هو الصحيح كما في مسلم: إلا بقايا من أهل الكتاب، والنبي ﷺ لم يكن يجيب بما لا علم عنده، وقد ثبت أنه أثنى على من مات في الفترة، كزيد بن عمرو وغيره، ولم يذكر ابن أبي حاتم في الآية خلافا عن السلف، لكن ذكر عن ابن عباس: ثم أنزل الله ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِينًا﴾ ١ الآية، ومراده أن الله بين أنه لا يقبل إلا الإسلام من الأولين والآخرين. وكثير من السلف يريد بلفظ النسخ رفع ما يظن أن الآية دالة عليه، فإن من المعلوم بالاضطرار من دون الرسل أن من كذب رسولا واحدا فهو كافر، فلا يتناوله قوله: ﴿من آمن بالله﴾ إلخ.
لكن ظن بعض الناس أن الآية فيمن بعث إليهم محمد خاصة، فغلطوا؛ ثم افترقوا على أقوال متناقضة ومنها قوله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾ ٢ الآية. ذكر أن المشهور عن السلف أن الحسنة " لا إله إلا الله "، وأن السيئة الشرك. ثم ذكر عن السدي قال: ذلك عند الحساب ألقى بدل كل حسنة عشر سيئات، فإن بقيت سيئة واحدة فجزاؤه النار إلا أن يغفر الله له. قلت تضعيف الحسنة إلى عشر وإلى سبعمائة ثابت في الصحاح، وأن السيئة مثلها، وأن الهم بالحسنة حسنة، والهم بالسيئة لا يكتب؛ فأهل القول الأول قالوه لأن أعمال البر داخلة في التوحيد؛ فإنه عبادة الله بما أمر به، كما قال: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ ٣ الآية. وقال تعالى:
_________
١ سورة آل عمران آية: ٨٥.
٢ سورة النمل آية: ٨٩.
٣ سورة البقرة آية: ١١٢.
1 / 67