وأحب من دعا إليه، لأن قصده عبادة الله وحده وأن يكون الدين لله، ومن كره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود، وله نصيب من حال فرعون، ومن طلب أن يطاع دون الله فهذا حال فرعون، ومن طلب أن يطاع مع الله فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله.
(٥٨) جميع الولايات مقصودها أن يكون الدين كله لله؛
فإنه سبحانه إنما خلق الخلق لذلك، وذلك هو الخير، والبر، والتقوى، والحسنات، والقربات، والباقيات الصالحات، والعمل الصالح، وإن كان بين هذه الأسماء فروق لطيفة، ولا تتم المصلحة في الدين والدنيا إلا بالاجتماع، وإذا اجتمعوا فلا بد من أمور يفعلونها لمصلحتهم، وأمور يجتنبونها لدفع المفسدة، ويكونون مطيعين للأمر بها والنهي عنها، فلا بد من آمر وناهٍ، وإذا كان لا بد من ذلك فدخول المرء تحت طاعة الله ورسوله الذي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لها الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث خير له.
وأخبر أنه أنزل الكتاب بالحق والميزان وأنزل الحديد ليقوم الناس بالقسط، ولهذا أمر ﷺ أمته بتولية ولاة الأمور عليهم، وأمر ولاة الأمور أن يؤدوا الأمانة، وأن يحكموا بالعدل، وأمر بطاعتهم؛ فلأبي داود عن أبي سعيد مرفوعا: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم" ١، وله عن أبي هريرة مثله، ففيه تنبيه على الوجوب فيما هو أكثر من ذلك.
(٥٩) من المتولين من هو بمنْزلة الشاهد المؤتمن والمطلوب منه الصدق،
مثل ولاية الأموال، والعريف الذي يخبر ولي الأمر بالأحوال، ومنهم من هو بمنْزلة الآمر المطاع، والمطلوب منه الصدق، وبالصدق في الأخبار،
_________
١ أبو داود: الجهاد (٢٦٠٨) .
1 / 42