بطاعة أو تعظيم أو غيره، فلا عمل لله، ولا بالله، فهو كالمرائي، وقد أبطل الله صدقة المنان والمرائي.
(٥٦) أما نعمة الضراء فاحتياجها إلى الصبر ظاهر
وأما نعمة السراء، فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها، فإن فتنة السراء أعظم.
وفي الحديث: "أعوذ بك من فتنة الفقر، وشر فتنة الغنى" ١ والفقر يصلح عليه خلق كثير ولا يصلح على الغنى ألا أقل منهم، ولهذا أكثر من يدخل الجنة المساكين، لأن فتنة الفقر أهون. وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر، ولكن لما كان في السراء اللذة والضراء الألم، اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في الضراء، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً﴾ ٢ إلى قوله ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ الآية. فصاحب السراء أحوج إلى الشكر، وصاحب الضراء أحوج إلى الصبر، فإنّ صبر هذا واجب إذا ترك استحق العقاب، وكذلك شكر ذاك. وأما صاحب السراء فقد يكون مستحبا إذا كان عن فضول الشهوات، وقد يكون واجبا لكن لإتيانه بالشكر يغفر ما يغفر. وكذلك صاحب الضر قد يكون الشكر في حقه مستحبا إذا كان شكرا يصير به من السابقين المقربين، وقد يغفر له ما قصر في الشكر لإتيانه بالصبر، فإن اجتماع الصبر والشكر جميعا يعسر على كثير من الناس.
(٥٧) أمر الله الرسل أن يكون دينهم واحدا
لا يتفرقون فيه ولهذا يصدّق بعضهم بعضا لا يختلفون مع تنوع شرائعهم، فمن كان من المطاعين من العلماء والأمراء متبعا للرسل أمر بما أمروا به ودعا إليه،
_________
١ أحمد (٦/٥٧) .
٢ سورة هود آية: ٩.
1 / 41