ثالثا: بعض الآفات الناتجة عن العبث والإهمال وسوء الاستعمال.
وكما كان اهتراء وتآكل وتفسخ بعض دفات المخطوطة وفقدان الحباكة نتيجة للعوامل السابقة كان للإهمال الذي لاقته وسوء الاستعمال أثر كبير في ذهاب وضياع أوراق من أول المخطوط ومن آخره، مما جعل العثور على عنوانه واسم مؤلفه وناسخه وتاريخ نسخه صعبا ومستحيلا في كثير منها، وهذا ما نلحظه في أغلب المكتبات المفهرسة في هذا الكتاب، وكثير من الكتب لم نتعرف عليها إلا بصعوبة شديدة، وبعضها مما لم أتمكن من التعرف عليه لمحدودية اطلاعي سجلت فقرات من أوله وآخره عل وعسى أن يعرفه أصحاب العلم والاطلاع.
ولعل أهم الملاحظات في هذا الصدد:
(أ) الأوساخ والقاذورات التي لطخت أوراق كثير من المخطوطات وأثرت على محتوياتها بسبب عدم التحري في نظافة الأيدي عند تقليب صفحات المخطوط فتظهر آثار الدهون والأوساخ في أطراف الأوراق، وأحيانا تكون قراءة المخطوط من قبل ماضغي القات فتتناثر آثار ورذاذ القات والمأكولات أحيانا بين السطور وتطمس بعض الكلمات وتشوه الأوراق والصفحات.
إن إهمال العناية بنظافة المخطوطة يجعل الأتربة والأوساخ متراكمة عليها فتصبح قبلة للذباب والحشرات، وهنالك العشرات من المخطوطات التي رأيت آثار ومخلفات الذباب والحشرات واضحة جلية على أوراقها وأغلفتها مشوهة لمنظرها، ومؤثرة على وضوح وصفاء الأوراق والخطوط.
(ب) تعمد تمزيق بعض الصفحات من أول المخطوط وآخره لأسباب كثيرة، منها: إخفاء التمليكات الذي عليه إن كان مسروقا أو مستعارا من مكتبة أوقاف وكذلك يحصل أحيانا تمزيق بعض الأوراق داخل المخطوط وتعمد تمزيق أطراف الصفحات الفارغة لحاجة جاهل ما إلى كتابة شيء عليها أو لاستخدامها لغرض ما.
(ج) طمس بعض التمليكات أو خدشها وطمس اسم الناسخ لأسباب مجهولة، وهذا ما لاحظناه في كثير من المخطوطات.
(د) العبث بكتابات ركيكة في أوائل المخطوطات وبعض الصفحات الداخلية بعضها تكتب عليها حسابات مصروف البيت، وبعضها كتابات بأقلام أطفال يتعلمون كتابة حروف الهجاء وبعضها عليها بعض العبارات، أو أبيات شعرية لا داعي لحشرها في ثنايا المخطوط، وبعضها تعليقات غير علمية على محتوياتها، وبعضها تسجيل لمواليد وفيات أفراد الأسرة إلى آخر هذ النوع من العبث.
(ه) تركها أحيانا في نوافذ الدار عرضة لأشعة الشمس الحارة الحارقة التي تغير لون المخطوط وتؤثر على أوراقه وتجليده، وقد تترك في هذه النوافذ أيام الأمطار فتتسرب إليها المياه من تصدعات زجاج أو خشب النافذة، والأكثر مرارة في النفس بعض اللامبالاة الناتجة عن الجهل بأهمية وقيمة المخطوط، وقد حكى لنا السيد العلامة محمد بن حسن العجري أنه عثر على مخطوط هام ونادر وقديم العهد من كوة أحد المطابخ في منطقة صعدة، أستخدم المخطوط الصغير الحجم لسد الكوة ومنع الريح والأمطار، وبقي زمنا طويلا عرضة لدخان المطبخ من الداخل وللريح والشمس والمطر من الخارج. انظر فهرس مكتبة السيد العجري.
Página 22