ونص أكثر الصحابة فمن بعدهم أنه يجب على الإمام النظر في أمرائه أعملوا بما عليهم من الحقوق؟ وإلا دخل عليه من جورهم وظلمهم، لما رواه طاووس أن عمر بن الخطاب قال: أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أقضيت ما علي ؟ قالوا: نعم، قال: لا. حتى أنظر في عمله أعمل بما أمرته أو لا؟
وأخرج البيهقي عن الزهري قال: حدثني عامر بن واثلة الليثي قال: قدم رجل على عبد الملك، وهو رجل تيما من أهل الكتاب فقال: يا أمير المؤمنين إن ابن هرمز ظلمني واعتدى علي! فلم يرد عليه شيئا عبد الملك، ثم عاد له في الشكاية من ابن هرمز فلم يرد عليه عبد الملك، فقال وغضب: يا أمير المؤمنين إنا نجد في التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران عليه السلام أنه ليس على الإمام من جور العامل وظلمه ما لم يبلغه ذلك من ظلمه وجوره، فإذا بلغه فأقره شركه في جوره وظلمه، فلما ذكر ذلك نزع ابن هرمز من عمله انتهى. وابن هرمز اسمه عبد الرحمن .
والوجه في ذلك ما ثبت أن الراضي بالشيء كفاعله، كما هو نص الحديث النبوي، وسيأتي ما يؤيد هذا في أحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكلام عمر بمحضر الصحابة يدل على الإجماع، ولما ثبت أن شرع من قبلنا يلزمنا ما لم ينسخ ولم يثبت نسخ ذلك بل ثبت من ظاهر عموم أدلة الباب ما يؤيد ذلك.
Página 99