المبحث الثالث: الإجماع
/4 - الإجماع هو اتفاق الفقهاء المجتهدين في عصر على حكم .
ولا فرق بين أن يكون هؤلاء المتفقون من فقهاء صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام بعد وفاته، أو من الطبقات التي جاءت بعدهم.
والإجماع حجة قوية في إثبات الأحكام الفقهية، ومصدر يلي السنة في الرتبة.
ودليل اعتباره في هذه المكانة من مصدرية التشريع مجموعة آيات وأحاديث تدل على اعتبار إجماع الكلمة من أهل العلم والرأي حجة .ا فمن تلك الأدلة على اعتبار الإجماع قول الله تبارك وتعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتيع غير سبيل المؤمنين نولهء ما تولى ونصلوء جهنم وساءت مصيرا سورة النساء/115، وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تجتمع أمتي على الضلالة" (1) وفي معناه أحاديث كثيرة.
فتضافرها بعضها مع بعض ومع الآيات القرآنية التي تأمر بلزوم الجماعة وعدم الانشقاق عنها، تؤلف دليلا كافيا في حجية الإجماع في إثبات الأحكام.
والاجماع في ذاته إذا انعقد على حكم لا بد أن يكون مستندا إلى د ليل فيه، وإن لم ينقل الدليل معه، إذ لا يعقل أن تجتمع كلمة علماء الأمة الموثوق بهم تشهيأ بلا دليل شرعي.
و لذلك كان الإجماع إذا أراد المتأخرون معرفته إنما يبحثون عن
(1) أخرجه أبو داود من حديث أبي مالك الأشعري (4253)، والترمذي من حديث ابن عمر (2167) وقال: غريب من هذا الوجه، وابن ماجه من حديث أنس (3950) بإسناد ضعيف، وبالجملة فالحديث كما قال الحافظ في "التلخيص، 141/3: حديث مشهور له طرق كثيرة، لا يخلو واحد منها من مقال" وقال السخاوي في المقاصد الحسنة" ص460 : "وبالجملة فهو حديث مشهور المتن، ذو أسانيد كثيرة، وشواهد متعددة في المرفوع وغيره4.
Página 76