ذلك الحديث المنقول؛ فيقال عندئذ: جاء في الحديث (كذا) ولكن السنة على (كذا).
وفي هذه الحال إذا كان كل من الحديث والسنة صحيح الثبوت يلجا العلماء إلى التوفيق بين الحديث والسنة إن أمكن، أو إلى ترجيح أحدهما بأسباب مرجحة إن لم يمكن التوفيق، كما إذا تعارض حديثان من قول الرسول صحيحا الثبوت، فإنهما يعتبر أحدهما ناسخا للآخر، فيبحث عن الناسخ والمنسوخ منهما.
والسنة تلي الكتاب رتبة في مصدرية التشريع، من حيث إن بها بيان مجمله، وإيضاح مشكله، وتقييد مطلقه، وتدارك ما لم يذكر فيه.
فالستة مصدر تشريعي مستقل من جهة، لأنها قد يرد فيها من االأحكام ما لم يرد في القرآن، كميراث الجدة، فقد ثبت أن النبي حكم بتوريث جدة المتوفى سدس المال. ولكن السنة من جهة أخرى ي لحظ فيها معنى التبعية للقرآن، لأنها، علاوة على كونها بيانا وإيضاحا له لا تخرج عن مبادئه وقواعده العامة حتى فيما تقرره من الأحكام التي لم يرد ذكرها في القرآن. فمرجع السنة في الحقيقة إلى نصوص القرآن وقواعده العامة.
والسنة بصورة عامة ضرورية لفهم الكتاب لا يمكن أن يستغنى عنها في فهمه وتطبيقه، وإن كان فيها ما لا يتوقف عليه فهم الكتاب هذا التوقف.
هذا، وبعد أن أصبحت السنة تنقل نقلا بالرواية، لانقضاء عصر الرسالة، وانقطاع مشافهة الرسول بوفاته عليه السلام، لا يقبل منها في شريع الأحكام الفقهية إلا ما كان صحيح الثبوت بشرائط معينة شديدة .
وقد تكفل علماء السنة بتمييز مراتب الأحاديث النبوية في الثبوت.
Página 75