Lessons by Sheikh Yasser Burhami

Yasser Borhami d. Unknown
64

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

Géneros

انكسار الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهكذا قد تكرر مثل هذا المعنى على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، في شهودهم معاني الأسماء والصفات الدالة على الحب والود والرحمة الخاصة لعباده المؤمنين الذين يعبدونه، كما قال شعيب ﵇: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود:٩٠]، فحين أمرهم بالاستغفار ذكرهم باسم الربوبية مضافًا إلى ضمير جمع المخاطبين: «وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ»، ثم ذكر الود والرحمة، وهذا أمر خاص إنما يشهده من أخلص لله ﷿ واقترب منه ﷾، فيشهد من آثار وده وحبه ﷾ ما يجعله يعرف خصوصية عباد الله المؤمنين بذلك، وللأنبياء أعظم الخصوصية، فيقول: «إِنَّ رَبِّي»، فذكر ربه هنا منسوبًا، ومضافًا إلى ضمير المتكلم، وكما قال صالح ﵇: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ [هود:٦١]، فهو ﷾ قريب من عباده المؤمنين، مجيب لهم دعاءهم، ما لا يقرب من غيرهم ولا يجيب غيرهم، فهو ﷿ أكثر قربًا لعباده المؤمنين؛ لأنهم أخلصوا له الألوهية والعبادة فهو أكثر إجابة لهم، وهو ﷿ قد يجيب الكفرة كما أخبر عنهم أنهم إذا مسهم الضر في البحر ضل من يدعون إلا إياه، لكن إجابته للمؤمنين أمر آخر، فلابد إذًا أن يكون بينك وبين الله ﷿ عمل كما كان السلف يدخرون أعمالهم الصالحة، ويسرون بها كما يسر الناس الذنوب. فالناس يستخفون بالذنوب حتى لا يفضحوا، وأهل الإيمان والصلاح يستخفون بالعمل الصالح؛ لأنه الذي يبقى لهم مضمونًا أو يرجون أن يكون باقيًا لهم عند الله ﷿، أو هو أقرب إلى القبول من ذلك الذي في العلن، فإن العبودية التي في العلن تقترن بها كثير من الآفات، وغالبًا ما تفسد على كثير من الصالحين أعمالهم-ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأما التي بينك وبين الله ﷿ فهي التي إذا صدقت في قولك: (أنت إلهي) تبقى لك عند الله، ولقد رئي بعض من كان مقدمًا في العلم في المنام بعد موته فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: ذهبت هذه الشطحات والأفكار ولم يبق إلا ركعات في جوف الليل، فنفعه عند الله ﷿ ما أخفاه عن الناس، وهذا هو السر في أن يذكر الإله ﷾ في هذا الموطن -والله أعلى وأعلم- منسوبًا مضافًا إلى ضمير المتكلم، (أنت إلهي)، فهو كذلك إلهه ولو لم يعبد الله أحد، فهو يستحضر أنه سوف يعبد الله وحده مهما كان من حوله بعيدًا عن هذه العبودية، فهو لا يحتاج إلى أن يكون مع الناس ليعبد ربه، فهو يعبد الله ﷿ ولو كان وحده، ولو لم يوجد من الناس من يعبد الله، ولو كان يسير وحده غريبًا في طريقه إلى الله؛ لأن الله إلهه، فالعبادة بينه وبين ربه أمر لا يحتاج إلى معين عليه، ولذا يقول يعقوب ﵇: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف:٨٦]، وإنما يحصل ذلك بشهود أسمائه وصفاته، واستحضار معاني كماله وعظمته ﷾، ويعرف فيما بينه وبين ربه ﷿ بسبب أنواع العبادة الخاصة ما يرفع قدره عند الله، ويجعله مقربًا منه ﷾. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

7 / 5