El discurso y el cambio social
الخطاب والتغير الاجتماعي
Géneros
ويمكننا الإفادة من النظر إلى تعدد الصياغات المتاحة باعتباره جانبا من جوانب التناص. إذ إن صياغة مجال من مجالات الخبرة توازي، على مستوى المفردات، تكوين تشكيل معين من العناصر التناصية في إنتاج نص من النصوص. والاختلافات في المفردات بين
كتاب الطفل
وبين
كتاب الحمل
أمثلة توضح معنى هذا، مثل إشارة كل منهما للغرض من أخذ «اللطخ المهبلية»، فالأول يقول إن الغرض «استبعاد وجود أي تغيير سابق على السرطان» (كتاب الطفل) ، والثاني يقول إن الغرض «اكتشاف التغييرات المبكرة في عنق الرحم، مما يمكن أن يؤدي في وقت لاحق إلى الإصابة بالسرطان» (كتاب الحمل) . فتعبيرا «استبعاد» و«سابق على السرطان»، بالطريقة التي يستعملان بها هنا، ينتميان إلى الخطاب الطبي، في حين أن «التغييرات ... «التي» يمكن أن تؤدي في وقت لاحق إلى الإصابة بالسرطان» تنتمي إلى خطاب عالم الحياة (أي خطاب المحادثة) (وتعبير «السابق على السرطان» ترجمة «حرة» للبناء اللفظي الإنجليزي «قبل سرطاني»). وتعتبر هذه الاختلافات في المفردات جانبا من جوانب الاختلاف في التناص في الكتيبين، ولنا أن نطبق تعليقات مماثلة على التقارير الإخبارية. ونحن نجد مثالا لذلك في العينة الأولى الواردة في الفصل الرابع أدناه حيث تستخدم صحيفة «ذا صن»
كلمات دارجة على الألسن في الإشارة إلى تجار المخدرات، كأنما تترجم المصطلح الفصيح إلى لغة العامة، ولنا أن نعتبر ذلك بعدا من أبعاد التشكيل التناصي الذي يرتكز على محاكاة الصحيفة ل «لغة الحياة العادية».
ولننظر في مثال آخر مقتطف من مقال عنوانه «التوتر ورجل الأعمال: سيطر على التوتر من أجل صحتك» (لوكر وجريجسون، 1989م)، وهو مقال يرجع أصداء مذهب الإدارة الجديد الذي يقول: إن مفتاح النجاح في الأعمال التجارية المعاصرة يكمن في جودة القوى العاملة والتزامها (أي الأشخاص باعتبارهم «موارد بشرية» إذا استعرنا ألفاظ المقال نفسها). (9) الاستثمار في إدارة التوتر
إدارة التوتر (أي السيطرة عليه) تيسر استخدام المهارات الشخصية الذي يؤدي بدوره إلى تحسين الأداء والتشغيل الفعال والإدارة الناجحة لأية منظمة، واستثمار مبلغ صغير في إعداد دورات وبرامج لإدارة التوتر كفيل بأن يؤثر تأثيرا كبيرا في مستوى أرباح المنظمة. لا شك في أن أعظم أرصدة المنظمة يتمثل في موظفيها، وصحتهم وأداؤهم هو ما نراه في كشوف الحساب في آخر المطاف. من يتحكم في التوتر، بالصحة والنجاح يظفر.
من الجوانب البارزة للتشكيل التناصي هنا مزج نوعين (من أنواع الكتابة): نوع المقال العلمي ونوع الإعلان (ويمثل الأخير السجع في «الشعار» الختامي)، ولكن قضيتي الرئيسية هي التشكيلة من أنماط الخطاب في النص. فلدينا أولا خطاب المحاسبة، وهو الذي يستمد النص منه الإشارة إلى الموظفين باعتبارهم «أرصدة» و«موارد». ولدينا ثانيا التوسع في خطاب إدارة المنظمات؛ بحيث يشمل مجال «النفس» الذي يتجلى في تعبير «إدارة التوتر». ولدينا ثالثا خطاب إدارة الأفراد، الذي يضم هو أيضا تطبيقا لخطاب تكنولوجيا الآلات على الأشخاص (إذ يحدد قيم الأفراد من حيث أداؤهم)، ويتوسع في مفهوم المهارات، إذ يجعله يتجاوز استعمالها التقليدي في الإشارة إلى قدرات العمل اليدوي حتى يشمل القدرات غير اليدوية، وإن كانت قدرات خاصة بصورة تقليدية («مهارات شخصية»).
ويمثل هذا المقتطف تحولا مهما يجري الآن في أماكن العمل، وهو تحول يرتبط بالتغير التكنولوجي وأساليب الإدارة الجديدة، إذ إن الخصائص «الشخصية» للموظفين، التي كانت تعتبر فيما مضى أمورا خاصة تقع خارج النطاق المشروع لتدخل أصحاب العمل، يعاد تعريفها اليوم باعتبارها مما يقع داخل نطاق التدخل المذكور. وهكذا أصبحت مشكلات توتر العاملين من القضايا التي يهتم بالنظر فيها - بصورة مشروعة - المسئولون عن شئون الأفراد. وتدل المقتطفات من هذا النوع على المحاولات التي تبذل لتوليد خطاب جديد خاص بمكان العمل وتتجلى فيه القضايا المذكورة، بحيث يستفيد من شتى أنماط الخطاب التي تنتمي تقليديا إلى مكان العمل (مثل المحاسبة، وإدارة المنظمات، وتكنولوجيا الآلات، وإدارة الأفراد). ويتجلى تشكيل أنماط الخطاب المذكورة في مفردات الحديث عن الموظفين وقدراتهم ومشكلاتهم (الصحية).
Página desconocida