للعدل، فَإِن كَانَ فِي هَذِه تفرق فَهُوَ فِي غير عدوان وَلَا عَدَاوَة، وَفِي تِلْكَ بغي وجور رُبمَا يفْسد الدّين وَالدُّنْيَا مَعًا، بل أفسدهما بِالْفِعْلِ. .
وَقد بسط تَرْجِيح هَذَا القَوْل السَّيِّد صديق حسن خَان بهادر فِي آخر كِتَابه " الرَّوْضَة الندية " قَالَ:
" وَإِذا كَانَت الْإِمَامَة الإسلامية مُخْتَصَّة بِوَاحِد، والأمور رَاجِعَة إِلَيْهِ مربوطة بِهِ كَمَا كَانَ فِي أَيَّام الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم فَحكم الشَّرْع فِي الثَّانِي الَّذِي جَاءَ بعد ثُبُوت ولَايَة الأول أَن يقتل إِذا لم يتب عَن الْمُنَازعَة. . وَأما إِذا بَايع كل وَاحِد مِنْهُمَا جمَاعَة فِي وَقت وَاحِد فَلَيْسَ أَحدهمَا أولى من الآخر، بل يجب على أهل الْحل وَالْعقد أَن يَأْخُذُوا على أَيْدِيهِمَا حَتَّى يَجْعَل الْأَمر فِي أَحدهمَا. فَإِن استمرا على التَّحَالُف كَانَ أهل الْحل وَالْعقد أَن يختاروا مِنْهُمَا من هُوَ أصلح للْمُسلمين، وَلَا تخفى وُجُوه التَّرْجِيح على المتأهلين لذَلِك ".
" وَأما بعد انتشار الْإِسْلَام واتساع رقعته وتباعد أَطْرَافه فمعلوم أَنه قد صَار فِي كل قطر أَو أقطار الْولَايَة إِلَى إِمَام أَو سُلْطَان، وَفِي الْقطر الآخر أَو الأقطار كَذَلِك. . وَلَا ينفذ لبَعْضهِم أَمر وَلَا نهي فِي غير قطره أَو أقطاره الَّتِي رجعت إِلَى ولَايَته فَلَا بَأْس بِتَعَدُّد الْأَئِمَّة والسلاطين، وَتجب الطَّاعَة لكل وَاحِد مِنْهُم بعد الْبيعَة على أهل الْقطر الَّذِي ينفذ فِيهِ أوامره ونواهيه، وَكَذَلِكَ صَاحب الْقطر الآخر، فَإِذا قَامَ من ينازعه فِي الْقطر الَّذِي ثَبت فِيهِ ولَايَته وَبَايَعَهُ أَهله كَانَ الحكم فِيهِ أَن يقتل إِذا لم يتب وَلَا يجب على أهل الْقطر الآخر طَاعَته وَلَا الدُّخُول تَحت ولَايَته لتباعد الأقطار، فَإِنَّهُ قد لَا يبلغ إِلَى مَا تبَاعد مِنْهَا خبر إمامها أَو سلطانها وَلَا يدْرِي من قَامَ مِنْهُم أَو مَاتَ، فالتكليف بِالطَّاعَةِ وَالْحَال هَذِه تَكْلِيف بِمَا لَا يُطلق، وَهَذَا مَعْلُوم لكل من لَهُ إطلاع على أَحْوَال الْعباد والبلاد، فَإِن أهل الصين والهند لَا يَدْرُونَ بِمن لَهُ الْولَايَة فِي أَرض الْمغرب فضلا عَن أَن يتمكنوا من طَاعَته، وَهَكَذَا الْعَكْس، وَكَذَلِكَ أهل مَا وَرَاء النَّهر لَا يَدْرُونَ بِمن لَهُ الْولَايَة فِي الْيمن، وَهَكَذَا الْعَكْس،
1 / 57