وحدة الْخَلِيفَة وتعدده:
أصل الشَّرْع أَن يكون رَئِيس الْحُكُومَة وَهُوَ الإِمَام وَاحِدًا وَهَذَا أَمر إجماعي عِنْد جَمِيع الْأُمَم كالمسلمين، وَسَببه مَعْرُوف وَهُوَ أَن أَمر الْحُكُومَة أولى من كل أَمر عَام لَهُ شعب كَثِيرَة بِأَن تكون لَهُ جِهَة وَاحِدَة يضْبط بهَا النظام وتتقي الفوضى. قَالَ الكمالان فِي المسايرة وَشَرحهَا (وَلَا يُولى) الْإِمَامَة (أَكثر من وَاحِد) لقَوْله [ﷺ]:
" إِذا بُويِعَ لخليفتين فَاقْتُلُوا الآخر مِنْهُمَا " رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَالْأَمر بقتْله مَحْمُول كَمَا صرح بِهِ الْعلمَاء على مَا إِذا لم ينْدَفع إِلَّا بِالْقَتْلِ، فَإِذا أصر على الْخلاف كَانَ بَاغِيا فَإِذا لم ينْدَفع إِلَّا بِالْقَتْلِ قتل، وَالْمعْنَى فِي امْتنَاع تعدد الإِمَام أَنه منَاف لمقصود الْإِمَامَة من اتِّحَاد كلمة أهل الْإِسْلَام واندفاع الْفِتَن، وَأَن التَّعَدِّي يَقْتَضِي لُزُوم امتثنال أَحْكَام متضادة (قَالَ الْحجَّة - حجَّة الْإِسْلَام الْغَزالِيّ - فَإِن ولى عدد مَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات فالإمام من انعدقت لَهُ الْبيعَة من الْأَكْثَر، والمخالف بَاغ يجب رده إِلَى الانقياد إِلَى الْحق، وَكَلَام غَيره من أهل السّنة اعْتِبَار السَّبق فَقَط فَالثَّانِي يجب رده ا. هـ وَدَلِيل الْجُمْهُور نَص الحَدِيث. .
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ (ص ٧) وَإِذا عقدت الْإِمَامَة لإمامين فِي بلدين لم تَنْعَقِد إمامتهما لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون للْأمة إمامان فِي وَقت وَاحِد، وَإِن شَذَّ قوم فجوزوه ا. هـ وَأَقُول إِنَّمَا جوزه من جوزه حَال تعذر الْوحدَة وَهَذَا هُوَ الْخلاف الَّذِي نَقله الْعَضُد فِي المواقف إِذْ قَالَ: " وَلَا يجوز العقد لإمامين فِي صقع متضايق الأقطار، أما فِي متسعها بِحَيْثُ لَا يسع الْوَاحِد تَدْبيره فَهُوَ مَحل الِاجْتِهَاد " قَالَ شَارِحه السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ: لوُقُوع الْخلاف. . وَاعْتمد الْجَوَاز معشيه الفناري وَهُوَ من أشهر عُلَمَاء الرّوم أَو التّرْك. . وَأما فِي حَال إِمْكَان الْوحدَة فَلَا نعلم أَن أحدا من الْعلمَاء الَّذين لعلمهم قيمَة قَالَ بِجَوَاز التَّعَدُّد، وَقَول من قَالَ بالتعدد للضَّرُورَة أقوى من قَول الْجُمْهُور بإمامة المتغلب للضَّرُورَة، إِذا كَانَ كل من الْإِمَامَيْنِ أَو الْأَئِمَّة مستجمعًا للشروط مُقيما
1 / 56