============================================================
وفي قول الله عز وجل : { ولقد همت به وهم بها (1) لولا أن برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) وانهم قالوا : انه هم بها حتى حل السراويل، وقعد منها مقعد الرجل من الامرأة . وقال : كذبوا لعنهم الله. قلت : فما البرهان الذي رآه ؟ قال : إقبال الحجة إليه، ومن التفسير الظاهر في هذا أنها همت به أن يأتيها، وهم بها أن يقتلها ، أراد أن يذبحها { لولا أن رأى(2) برهان ربو) علم بما علمه الله أنهالم تستوجب الذبح، ولم يجب له عليها { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) السوء ما أراد هو من ذبحها في غير وجوبه والفحشاء ما أرادت هي، وهذا أحسن مما يقول أهل الظاهر وأقرب إلى المعنى الباطن، والمعنى في الباطن أن امرأة العزيز يشار بها إلى وزير من وزرائه كان له رغبة في الحق، وسمع بيان يوسف صلى الله عليه وحسن شرحه، وفي ظاهر القول وذلك جماله والحسن الذي يوصف به هو الجمال، والحسن في الباطن هو حسن البيان والشرح ، فهم الوزير أن يدعوه يوسف وانقاد إليه راغبا، والدعوة مثل النكاح في الباطن، وهم يوسف بأخذ العهد عليه (2) لما رأى من رغبته وفهمه وحرصه في الطلب()) . قال الله عز وجل : لولا أن رآى برهان ربو) يعني نظر في أمر الله وحدود دينه(5) أنه لا يجيب للوزير ما سأل من العلم وكشفه له، حتى يؤخذ عليه العهد، والعهد لا يكون إلأ للامام، يعاهد لنفسه أو يعاهد له حججه أو دعاته، فلم يكن يوسف مطلقا في ذلك الوقت في أخذ عهد، ولا ذكر مقامه، ولا كشف باطن علمه، فأمسك لهذا البرهان الذي منح له من براهين حدود الله تعالى كذلك لنصرف عنه
Página 44