عَلَى التَّقْوَى﴾ الآية، أسأل الله الكريم معافاته من كل ما يخالف رضاه، وأن لا يجعلنا ممن أضله فاتخذ إلهه هواه. انتهى. فتأمل رحمك الله تعالى هذا الإمام وتصريحه بأن الذي تفعله العامة في زمانه في العمد والشجر والمواضع المخصوصة أنه مثل فعل المشركين بذات أنوا ط، وكذلك تصريح أبي بكر الطرطوشي وكان من أئمة المالكية بأن كل شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها فهي ذات أنواط، وكذلك تأمل قوله: ولقد أعجبني ما فعله الشيخ أبو إسحاق ببلاد إفريقية في المائة الرابعة في هدمه تلك العين التي تسمى عين العافية لما رأى الناس يقصدونها ويتبركون بها، يتبين لك أن الشرك قد حدث في هذه الأمة من زمان قديم، وأن أهل العلم ﵃ ينكرون ذلك أشد الإنكار ويهدمون ما قدروا عليه مما يفتتن به الناس وأن هذا مما حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة، وأن ذلك ليس من الدين بإجماع أهل العلم، ويجب على من قدر على ذلك إزالته، فويل للأمراء والقضاة القادرين على إزالته والنهي عنه. وتأمل أيضا كلام أبي شامة في المسجد الذي بني على قارعة الطريق، وتمنيه هدمه وإزالته، وتشبيهه إياه بمسجد الضرار، وكان أبو شامة رحمه الله تعالى في أوائل القرن السابع، ومعلوم أن الأمر لا يزيد إلا شدة، والله أعلم. فهذا ما وقفنا عليه من كلام الشافعية والحنفية [والمالكية] في هذه المسألة. (فصل): وأما كلام الحنابلة فقال الإمام أبو الوفاء بن عقيل: لما صعبت التكاليف على الجهال والطغاة عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم إذا لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور وخطاب الموتى بالحوائج أو كتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا، وكذا إلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى. انتهى كلامه. فتأمل قوله وهم عندي كفار بهذه الأوضاع وتشبيهه إياهم بمن عبد اللات والعزى. وقال الشيخ تقي الدين في "الرسالة السنية" لما ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الدين وأمره ﷺ بقتالهم قال: فإذا كان على عهد رسول الله ﷺ وخلفائه ممن انتسب إلى الإسلام من مرق مع عبادته العظيمة فليعلم أن المنتسب
1 / 336