لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي ﷺ: "هذا كما قال قوم موسى لموسى ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ لتركبن سنن من كان قبلكم" أخرجه الترمذي بلفظ آخر والمعنى واحد وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي في كتابه: فانظروا رحمكم الله تعالى أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها ويرجون البر والشفاء من قبلها وينوطون بها أسلحتهم ويضربون عليها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها. قلت: ولقد أعجبني ما صنعه الشيخ أبو إسحاق الحينبائي رحمه الله تعالى -أحد الصالحين ببلاد إفريقية في المائة الرابعة- حكى عنه صاحبه الصالح أبو عبد الله محمد بن أبي العباس المؤدب أنه كان إلى جانبه عين تسمى عين العافية كان العامة قد افتنوا بها يأتونها من الآفاق، من تعذر عليه نكاح أو ولد قال: امضوا بي إلى عين العافية فتعرف بها الفتنة، قال أبو عبد الله: فأنا في السحر ذات ليلة إذا سمعت أذان أبي إسحاق نحوها فخرجت فوجدته قد هدمها وأذن الصبح عليها ثم قال: اللهم إني هدمتها لك، فلا ترفع لها رأسا. فما رفع لها رأسا إلى الآن. قلت وأدهى من ذلك وأمر أمر إقدامهم على الطريق السابلة يجيزون في أحد الأبواب الثلاثة القديمة العادية التي هي من بناء الجن في زمن نبي الله سليمان ابن داود ﵉، أو من بناء ذي القرنين، وقيل فيها غير ذلك ما يؤذن بالتقدم على ما نقلناه في كتاب تاريخ مدينة دمشق حرسها الله تعالى، وهو الباب الشمالي ذكره لهم بعض من لا يوثق به في أحد شهور سنة ست وثلاثين وستمائة أنه رأى مناما يقتضي أن ذلك المكان دفن فيه بعض أهل البيت، وقد أخبرني عنه ثقة أنه اعترف له أنه افتعل ذلك، فقطعوا طريق المنارة فيه وجعلوا الباب بكماله أصل مسجد مغصوب وقد كان الطريق يضيق بسالكيه فتضاعف الضيق والحرج على من دخل وخرج، ضاعف الله العذاب لمن تسبب في بنائه، وأجزل ثواب من أعان هدامه وإزالته اتباعا لسنة النبي ﷺ في هدم مسجد الضرار المرصد لأعدائه من الكفار. قلت: فلم ينظر الشرع إلى كونه مسجدا، وهدمه لمن قصد به السوء والردى، وقال الله تعالى لنبيه ﷺ ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ
1 / 335