إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضا من الإسلام، وذلك لأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه فقال: ﴿لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ الآية، وعلي بن أبي طالب ﵁ حرق الغالية من الرافضة فأمر بأخاديد خدت لهم عند باب كندة فقذفهم فيها، واتفق الصحابة على قتلهم لكن ابن عباس مذهبه أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق، وهو قول أكثر العلماء، وقصتهم معروفة عند العلماء. وكذلك الغلو في بعض المشايخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني أو انصرني، أو اجبرني، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده لا يجعل معه إله آخر، والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنزل المطر أو تنبت النبات وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم ويقولون ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ ويقولون ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾، فبعث الله رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة، وقال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا. أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ الآية، قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيرا والملائكة إلى أن قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ وكان ﷺ يحقق التوحيد ويعلمه أمته، حتى قال رجل: ما شاء الله وشئت، قال: "أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده" ونهى عن الحلف بغير الله وقال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" وقال في مرض موته: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا، وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد"، ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور ولا الصلاة عندها، وذلك لأن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان تعظيم القبور، ولهذا اتفق العلماء على أن من سلم على النبي ﷺ عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها، لأنه إنما يكون لأركان بيت الله فلا
1 / 337