وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾، إن الرسول ﷺ هو الذي يسبَّح بكرة وأصيلا، ومنهم من يقول: نحن نعبد الله ورسوله فيجعلون الرسول معبودا. ومنهم من يأتي قبر الميت الرجل أو المرأة الذي يحسن الظن لنفسه فيقول: اغفر لي وارحمني ولا توقفني على زلة، ونحو هذا الكلام، إلى أمثال هذه الأمور التي يتخذ فيها المخلوق إلها. ولما استقر هذا في نفوس عامتهم تجد أحدهم إذا سئل عمن ينهاهم: ما يقول هذا؟ فلان عنده ما ثم إلا الله. لما استقر في نفوسهم أنهم يجعلون مع الله إلها آخر. وهذا كله وأمثاله وقع ونحن بمصر. وآخر يقول معظما لمن يدعو إلى التوحيد: قد جعل الآلهة إلها واحدا. وهؤلاء الضالون مستخفون بتوحيد الله، ويعظمون دعاء غير الله من الأموات، وإذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الشرك استخفوا به كما أخبر تعالى عن المشركين بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ الآية. فاستهزؤوا بالرسول لما نهاهم عن الشرك. وقال تعالى عن المشركين: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ قال تعالى: ﴿بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ وذكر ﵀ أشياء كثيرة. ومازال المشركون يسفهون الأنبياء ويصفونهم بالجنون والضلال والسفاهة، كما قال قوم نوح لنوح وعاد لهود ﵍: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ﴾ فأعظم ما سفهوه لأجله وأنكروه هو التوحيد، وهكذا تجد من عليه شبه من هؤلاء من بعض الوجوه إذا رأى من يدعو إلى توحيد الله وإخلاص الدين له وأن لا يعبد الإنسان إلا الله ولا يتوكل إلا عليه استهزأ بذلك لما عنده من الشرك، وكثير من هؤلاء يخربون المساجد، فتجد المسجد الذي بني للصلوات الخمس معطلا مخربا ليس له كسوة إلا من الناس وكأنه خانة من الخانات، والمشهد الذي بني عليه الميت فعليه الستور وزينة الذهب والفضة والرخام، والنذور تغدو وتروح إليه، فهل هذا إلا من استخفافهم بالله وآياته ورسوله وتعظيمهم للشرك؟، فإنهم اعتقدوا أن الميت الذي بني له المشهد والاستغاثة به أنفع لهم من دعاء الله تعالى
1 / 363