شأنها، فإن القضايا الكلية إن لم تعلم معيناتها بغير التمثيل، وإلا لم يعلم إلا بالتمثيل، فلابد من معرفة لزوم المدلول للدليل الذي هو الحد الأوسط، فإذا كان كليًا، فلابد أن يعرف أن كل فرد من أفراد الحكم الكلي المطلوب، يلزم كل فرد من أفراد الدليل. كما إذا قيل كل أب وكل ب ج- فكل ج أأل فلابد أن يعرف أن كل فرد من أفراد الجيم يلزم كل فرد من أفراد الباء وكل فرد من أفراد الباء يلزم كل فرد من أفراد الألف. ومعلوم أن العلم بلزوم الجيم المعين للباء المعين والباء المعين للألف المعين أقرب إلى الفطرة من هذا.
وإذا قيل تلك الكلية تحصل في الذهن ضرورة أو بديهة من واهب العقل، قيل حصول تلك القضية المعينة في الذهن من واهب العقل أقرب. ومعلوم أن كل ما سوى الله من الممكنات فإنه مستلزم لذات الرب تعالى، يمتنع وجوده بدون وجود (ذات) الرب تعالى وتقدس. وإن كان مستلزمًا أيضًا لأمور كلية مشتركة بينه وبين غيره فلأنه يلزم من وجوده وجود لوازمه. وتلك الكليات المشتركة من لوازم المعين أعني يلزمه ما يحصه من ذلك الكلي العام والكلي المشترك يلزمه بشرطه وجوده. ووجود العالم الذي يتصور القدر المشترك، وهو سبحانه يعلم الأمور على ما هي عليه، فيعلم نفسه المقدسة بما يخصها، ويعلم الكليات أنها كليات، فيلزم من وجود الخاص، وجود العالم المطلق، كما يلزم من وجود (هذا) الإنسان، وجود الإنسانية والحيوانية. فكل ما سوى الرب مستلزم لنفسه المقدسة بعينها، يمتنع وجود شيء سواه، بدون وجود نفسه المقدسة، فإن
2 / 67