كما يذكره في دلائل ربوبيته وإلهيته ووحدانيته وعلمه وقدرته وإمكانه المعاد وغير ذلك من المطالب العالية السنية، والمعالم الإلهية التي هي أشرف العلوم وأعظم ما تكمل به النفوس من المعارف. وإن كمالها لا بدفيه من كمال علمها وقصدها جميعًا. فلابد من عبادة الله وحده، المتضمنة لمعرفته ومحبته والذل (له). وأما استدلاله تعالى بالآيات فكثير في القرآن، والفرق بين الآيات وبين القياس: أن الآية هي العلامة، وهو الدليل الذي يستلزمه عين المدلول، لا يكون مدلوله أمرًا كليًا مشتركًا بين المطلوب وغيره. بل نفس العلم به يوجب (العلم) بعين المدلول كما أن الشمس آية النهار قال الله تعالى:
﴿وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة﴾.
فنفس العلم بطلوع الشمس، يوجب العلم بوجوب النهار. وكذلك نبوة محمد ﷺ العلم بنبوته بعينه، لا يوجب أمرًا مشتركًا بينه وبين غيره. وكذلك آيات الرب تعالى، نفس العلم لها يوجب العلم بنفسه المقدسة تعالى، لا يوجب علمًا كليًا متركًا بينه وبين غيره، والعلم بكون هذا مستلزمًا لها هو جهة الدليل. فكل دليل في الوجود لابد أن يكون مستلزمًا للمدلول.
والعلم باستلزام المعين للمعين المطلوب، أقرب إلى الفطرة من العلم بأن كل معين من معينات القضية الكلية يستلزم النتيجة، والقضايا الكلية هذا
2 / 66