قال رضي الله عنه: وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذلك قالوا: رحمن الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا ويقولون: الزيادة في البنا الزيادة في المعنى وهو صفة عالية لم تستعمل في غير الله عز وجل ومعنى وصف الله بالرحمة وهي العطف والحنو مجاز عن إنعامه على عباده لأن الملك إذا عطف على رعيته ورق لهم أصابهم بمعروفه وإنعامه، كما أنه إذا أراد الفظاظة والقسوة عنف بهم ومنعهم خيره ومعروفه، وقدم الرحمن على الرحيم لأنه لما قال الرحمن تناول حلائل النعم وعظائمها أردفه الرحيم ليتناول ما رق منها ولطف.
{ الحمد لله} الحمد والمدح أخوان وهو الثناء بالجميل من نعمة وغيرها، والشكر على النعمة خاصة وهو بالقلب واللسان والجوارح، والحمد باللسان وحده وهو إحدى شعب الشكر، ومنه قوله عليه السلام الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده، وإنما جعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشنع لها وأدل على مكانها من الاعتقاد، لخفاء عمل القلب {رب العالمين} أي: مالكهم والرب المالك ولم يطلقوه إلا في الله وحده وفي غيره مقيد مضاف، والعالمين اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وقيل: كلما علم به الخالق من الأجسام والأعراض وأطلق ليشمل كل جنس هما سمي أية {الرحمن الرحيم} معناهما الوصف بعظم الرحمة كما تقدم {ملك يوم الدين} أي: قاضي يوم الجزاء، إلا أنه يتفرد في ذلك اليوم بالحكم، وخصه بالذكر تعظيما لثنائه، ولأن أملاك الملوك زايلة فيه.
Página 15