وقرأ عاصم والكسائي مالك وملك أعم في الوصف وهو الاختيار لأنها قراءة أهل الحرمين، ولأن الملك تعم والملك تخص وقال: القرطبي احتج بعضهم على أن مالك أبلغ من ملك لأن فيه زيادة حرف فلقارئه عشر حسنات زيادة على من قرأ ملك بغير ألف {إياك نعبد} أي: نخصك بالعبادة {وإياك نستعين} أي: نطلب منك المعونة، والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، ولا نستعمل لغير الله لأنه المولى العظيم النعم فكان حقيقيا مافي غاية الخضوع والعدول من لفظ الغيبة إلى الخطاب يسمى الالتفات في علم البيان، وجئ به هاهنا جريا على افتتان العرب في الكلام وتصرفهم فيه لأنه إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان قطريه لنشاط السامع وإيقاظا للإسغاء إليه من إجراءه على أسلوب واحد مع ما فيه من إظهار التمكن من التصرف في الكلام والتوسع فيه، أو قرنت الاستعانة بالعبادة للجمع بين ما يتقرب به العباد إلى ربهم وبين ما يتطلبونه ويحتاجون إليه من جهته، وقدمت العبادة على الاستعانة؛ لأن تقديم الوسيلة في طلب الحاجة توجب الإجابة، وأطلعت الاستعانة لتناول كل مستعان فيه{اهدنا الصراط المستقيم} الصراط الطريق أي دلنا عليه واسلك بنا فيه، وثبتنا عليه.
والمراد طريق الحق وملة الإسلام ومعنى طلب الهداية، وهم مهتدون طلب زيادة الهدى بمنح الإلطاف، وقيل: إنما طلبوا الهداية مع وجوبها لأن السؤال عبادة {صراط الذين أنعمت عليهم} بالهداية وهم قوم موسى، وعيسى قبل أن يغيروا نعم الله عز وجل.
Página 16