[حكم الأموال في أيدي الظلمة]
وأما ما ذكره المحصلون للمذهب من أنه لا يصير ما في أيدي الظلمة من المال لبيت المال إلا إذا استهلك بالخلط في القيمي والمختلف، ولعدم انحصار أرباب المال في المثلي فمردود بما ذكرته أنا الآن وبما ذكروه هم من قولهم: إنه يوقف حتى يراضي أربابه، فإن رضوا حل لمستهلكه وملكه ولم يضر بيت مال أو يخشى تلفه فيتصدق به، ونحن نعلم أنه يمكنهم مراضاة أربابه ولو رده؛ لأنهم محصورون في ديوانهم فأنى لهم! مع ذلك أنه يكون بيت مال، اللهم إلا أن يرجعوا إلى ما ذكرنا.
وقد نص على معنى ما ذهبت إليه في هذه المسألة الهادي عليه السلام في (الأحكام) وحكاه عن جده القاسم عليه السلام في (الأحكام) أيضا، ولم يستثن -أعني الهادي عليه السلام إلا المغصوب إذا كان باقيا بعينه، وقال في ذلك ما لفظه: (فإن أقام أحد من المسلمين بينة على شيء بعينه قائم لم يتغير ولم يستهلك، فأقام عليه البينة أنه غصبه غصبا فأخذ منه ظلما وجورا سلم إليه، ويدفعه الظالم إلى يديه)، ومثل ما ذكرت أيضا ذكر القاسم بن علي العياني عليه السلام في مسألة الرزق، وكذلك ذكر غيرهم من الأئمة الأعلام ".
وإن كانت الدولة الجائرة تغصب الدراهم والدنانير والفلوس غصبا، أو تغصب الفضة والذهب، والنحاس فتضربها كان جميع ذلك غصبا، والوجه في ذلك ظاهر.
وقال السائل: إن النقدين والفلوس لم يعلم فيهما الغصب بأعيانهما، وإنما علمنا حصول التظالم فيهما على سبيل الجملة، فهل تحل المعاملة بهما؟
Página 96