قلت وبالله التوفيق: أما أهل الجبر والتشبيه و[أهل] الإرجاء الأكبر الذين يحكمون بنجاة أهل الفسوق والمنكر، فقد كفينا مؤونة تعريفهم بما ظهر لهم، واشتهر من تعريف أهل العدل لهم في كل عصر من الأعصار، ورسموه في كتبهم ليردوه بالأباطيل، وكذلك الباطنية فإنهم عارفون بالدين، دليل ذلك إظهار الإسلام وإبطانهم للكفر، وأما من عداهم فإن الواجب على أهل العدل تعريفهم، وإزاحة الشبهة التي يتعلقون بها بالأدلة القاطعة؛ لقوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}[البقرة:159]، وقوله صلى الله عليه وآله: ((من كتم علما مما ينفع الله به في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار)) ويجب تعريفهم ولو ظن أنهم لا يمتثلون؛ لأن الآية والخبر لم يفصلا؛ ولأن الله سبحانه قد أوجب على رسله تبليغ أحكامه وإن علموا أنها لا تقبل منهم، كما قال تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}[البقرة:6]، فقال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}[النساء:165]، بأن يقولوا كما حكى الله سبحانه [في قوله سبحانه]: {ما جاءنا من بشير ولا نذير}[المائدة:19]، وقوله تعالى: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى}[طه:134]، والاقتداء بالرسل صلوات الله عليهم في ذلك فرض لازم؛ لقوله تعالى بعد ذكره لعدة من الأنبياء تفصيلا: {ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم}[الأنعام:87] إجمالا: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}[الأنعام:90].
Página 82